وقال مالك في النقدين كقول الشافعي: وفي غيرهما العلة الجنس والتقدير والاقتيات.
وقال ربيعة: بل اتفاق الجنس ووجوب الزكاة. وقالت العترة جميعا: بل العلة في جميعها اتفاق الجنس، والتقدير بالكيل والوزن، واستدلوا على ذلك بذكره صلى الله عليه وآله وسلم للكيل والوزن في أحاديث الباب. ويدل على ذلك أيضا حديث أنس المذكور، فإنه حكم فيه على كل موزون مع اتحاد نوعه وعلى كل مكيل كذلك، بأنه مثل بمثل، فأشعر بأن الاتفاق في أحدهما مع اتحاد النوع موجب لتحريم التفاضل بعموم النص لا بالقياس، وبه يرد على الظاهرية لأنهم إنما منعوا من الالحاق لنفيهم للقياس. ومما يؤيد ذلك ما سيأتي في حديث أبي سعيد وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في الميزان مثل ما قال في المكيل، على ما سيبينه المصنف إن شاء الله تعالى، وإلى مثل ما ذهبت إليه العترة ذهب أبو حنيفة وأصحابه، كما حكى ذلك عنه المهدي في البحر، وحكى عنه أنه يقول: العلة في الذهب الوزن، وفي الأربعة الباقية كونها مطعونة موزونة أو مكيلة (والحاصل) أنه قد وقع الاتفاق بين من عدا الظاهرية بأن جزء العلة الاتفاق في الجنس، واختلفوا في تعيين الجزء الآخر على تلك الأقوال، ولم يعتبر أحد منهم العدد جزءا من العلة مع اعتبار الشارع له، كما في رواية من حديث أبي سعيد: ولا درهمين بدرهم وفي حديث عثمان عند مسلم لا تبيعوا الدينار بالدينارين.
وعن أبي سعيد وأبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استعمل رجلا على خيبر فجاءهم بتمر جنيب فقال: أكل تمر خيبر هكذا؟ قال: إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فقال: لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبا. وقال في الميزان مثل ذلك رواه البخاري.
الحديث أخرجه أيضا مسلم. قوله: رجلا صرح أبو عوانة والدارقطني أن اسمه سواد بن غزية بمعجمة فزاي فياء مشددة كعطية. قوله: جنيب بفتح الجيم وكسر النون وسكون التحتية وآخره موحدة، اختلف في تفسيره فقيل: هو الطيب، وقيل:
الصلب. وقيل: ما أخرج منه حشفه ورديئه، وقيل: ما لا يختلط بغيره. وقال في القاموس : أن الجنيب تمر جيد. قوله: بع الجمع بفتح الجيم وسكون الميم قال في الفتح: هو التمر المختلط بغيره. وقال في القاموس: هو الدقل أو صنف من التمر (والحديث) يدل على أنه لا يجوز