وفيه دليل على أن واجد النعلين لا يلبس الخفين المقطوعين وهو قول الجمهور. وعن بعض الشافعية جوازه، والمراد بالوجدان القدرة على التحصيل. قوله: فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين هما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم، وقد تقدم الخلاف في ذلك. وظاهر الحديث أنه لا فدية على من لبسهما إذا لم يجد النعلين، وعن الحنفية تجب وتعقب بأنها لو كانت واجبة لبينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه وقت الحاجة، وتأخير البيان عنه لا يجوز. واستدل به على أن القطع شرط لجواز لبس الخفين، خلافا للمشهور عن أحمد فإنه أجاز لبسهما من غير قطع لاطلاق حديث ابن عباس الآتي، وأجاب عنه الجمهور بأن حمل المطلق على المقيد واجب وهو من القائلين به، وقد تقدم التنبيه على هذا في باب ما يصنع من أراد الاحرام، ويأتي تمام الكلام عليه في شرح حديث ابن عباس.
وعن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين رواه أحمد والبخاري والنسائي والترمذي وصححه.
وفي رواية قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينهى النساء في الاحرام عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب رواه أحمد وأبو داود وزاد: ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفرا أو خزا أو حليا أو سراويل أو قميصا.
الزيادة التي ذكرها أبو داود أخرجها أيضا الحاكم والبيهقي. قوله: لا تنتقب المرأة نقل البيهقي عن الحاكم عن أبي علي الحافظ أن قوله: لا تنتقب من قول ابن عمر أدرج في الخبر، وقال صاحب الامام: هذا يحتاج إلى دليل، وقد حكى ابن المنذر الخلاف هل هو من قول ابن عمر أو من حديثه؟ وقد رواه مالك في الموطأ عن نافع عن ابن عمر موقوفا، وله طرق في البخاري موصولة ومعلقة، والانتقاب لبس غطاء للوجه فيه نقبان على العينين تنظر المرأة منهما. وقال في الفتح: النقاب الخمار الذي يشد على الانف أو تحت المحاجر. قوله: ولا تلبس القفازين بضم القاف وتشديد الفاء وبعد الألف زاي ما تلبس المرأة في يديها فيغطي أصابعها وكفها عند معاناة الشئ كغزل ونحوه، وهو لليد كالخف للرجل. قوله: وما مس الورس الخ تقدم الكلام عليه في شرح الحديث الذي قبله. قوله: ولتلبس بعد ذلك ما أحبت الخ، ظاهره جواز لبس ما عدا ما اشتمل عليه الحديث من غير فرق بين المخيط وغيره،