على أن الحج لا يجب إلا مرة واحدة وهو مجمع عليه كما قال النووي والحافظ وغيرهما.
وكذلك العمرة عند من قال بوجوبها لا تجب إلا مرة، إلا أن ينذر بالحج أو العمرة وجب الوفاء بالنذر بشرطه. وقد اختلف هل الحج على الفور أو التراخي؟ وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى. واختلف أيضا في وقت ابتداء افتراض الحج فقيل:
قبل الهجرة، قال في الفتح: وهو شاذ. وقيل: بعدها. ثم اختلف في سنته، فالجمهور على أنها سنة ست لأنه نزل فيها قوله تعالى: * (وأتموا الحج والعمرة لله) * (سورة البقرة، الآية: 196) قال في الفتح: وهذا ينبني على أن المراد بالاتمام ابتداء الفرض، ويؤيده قراءة علقمة ومسروق وإبراهيم النخعي بلفظ: وأقيموا أخرجه الطبراني بأسانيد صحيحة عنهم. وقيل: المراد بالاتمام الاكمال بعد الشروع، وهذا يقتضي تقدم فرضه قبل ذلك. وقد وقع في قصة ضمام ذكر الامر بالحج، وكان قدومه على ما ذكر الواقدي سنة خمس، وهذا يدل إن ثبت على تقدمه على سنة خمس أو وقوعه فيها، وقيل: سنة تسع حكاه النووي في الروضة، والماوردي في الأحكام السلطانية، ورجح صاحب الهدى أن افتراض الحج كان في سنة تسع أو عشر، واستدل على ذلك بأدلة فلتؤخذ منه. قوله: لو قلتها لوجبت استدل به على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مفوض في شرع الاحكام. وفي ذلك خلاف مبسوط في الأصول.
وعن أبي رزين العقيلي: أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، فقال: حج عن الحديث يدل على جواز حج الولد عن أبيك واعتمر رواه الخمسة وصححه الترمذي الحديث يدل على جواز حج الولد عن أبيه العاجز عن المشي، وسيأتي الكلام عليه في باب وجوب الحج على المعضوب. وذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الباب للاستدلال به على وجوب الحج والعمرة. قال الإمام أحمد: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثا أجود من هذا ولا أصح منه انتهى. وقد جزم بوجوب العمرة جماعة من أهل الحديث وهو المشهور عن الشافعي وأحمد، وبه قال إسحاق والثوري والمزني والناصر، والمشهور عن المالكية أن العمرة ليست بواجبة وهو قول الحنفية وزيد بن علي والهادوية، ولا خلاف في المشروعية. وقد روي في الجامع الكافي القول بوجوب العمرة عن علي وابن عباس وابن عمر وعائشة وزين العابدين وطاوس والحسن البصري وابن