ليتميز سهم كل واحد منكما عن الآخر. وفيه الامر بالقرعة عند المساواة أو المشاحة. وقد وردت القرعة في كتاب الله في موضعين. أحدهما قوله تعالى: * (إذ يلقون أقلامهم) * (سورة آل عمران، الآية: 44) والثاني قوله تعالى: * (فساهم فكان من المدحضين) * ( سورة الصافات، الآية: 141) وجاءت في خمسة أحاديث من السنة: الأول هذا الحديث. الثاني: حديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه. الثالث: أنه صلى الله عليه وآله وسلم أقرع في سنة مملوكين. الرابع: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول لاستهموا عليه. الخامس: حديث الزبير: أن صفية جاءت بثوبين لتكفن فيهما حمزة فوجدنا إلى جنبه قتيلا فقلنا: لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب، فوجدنا أحد الثوبين أوسع من الآخر، فأقرعنا عليهما ثم كفنا كل واحد في الثوب الذي خرج له. والظاهر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اطلع على هذا وقرره لأنه كان حاضرا هنالك، ويبعد أن يخفى عليه مثل ذلك في حق حمزة، وقد كانت الصحابة تعتمد القرعة في كثير من الأمور كما روي أنه تشاح الناس يوم القادسية في الآذان فأقرع بينهم سعد. قوله: ثم ليحلل الخ، أي ليسأل كل واحد منكما صاحبه أن يجعله في حل من قبله بإبراء ذمته، وفيه دليل على أنه يصح الابراء من المجهول، لأن الذي في ذمة كل واحد ههنا غير معلوم، وفيه أيضا صحة الصلح بمعلوم عن مجهول، ولكن لا بد مع ذلك من التحليل. وحكي في البحر عن الناصر والشافعي أنه لا يصح الصلح بمعلوم عن مجهول. قوله: برأيي هذا مما استدل به أهل الأصول على جواز العمل بالقياس وأنه حجة، وكذا استدلوا بحديث بعث معاذ المعروف.
وعن عمرو بن عوف: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حرما رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وزاد: المسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حرما قال الترمذي:
هذا حديث حسن صحيح.
الحديث أخرجه أيضا الحاكم وابن حبان وفي إسناده كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه وهو ضعيف جدا. قال فيه الشافعي وأبو داود: هو ركن من أركان الكذب، وقال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن حبان: له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة وتركه أحمد.
وقد نوقش الترمذي في تصحيح حديثه، قال الذهبي: أما الترمذي فروى من حديثه الصلح