في إنفاقها ويقولون: ننفق كما نشتهي قبل أن يكبر اليتامى فينتزعوها من أيدينا. ولفظ أبي داود غير مسرف ولا مبذر. قوله: ولا متأثل قال في القاموس: أثل ما له تأثيلا زكاه وأصله وملكه عظمه والأهل كساهم أفضل كسوة وأحسن إليهم، والرجل كثر ماله انتهى. والمراد هنا أنه لا يدخر من مال اليتيم لنفسه ما يزيد على قدر ما يأكله. قال في الفتح: المتأثل بمثناة ثم مثلثة مشددة بينهما همزة هو المتخذ، والتأثيل اتخاذ أصل المال حتى كأنه عنده قديم واثلة كل شئ أصله. قوله: أنه كان يزكي مال اليتيم الخ، فيه أن ولي اليتيم يزكي ماله ويعامله بالقرض والمضاربة وما شابه ذلك.
باب مخالطة الولي اليتيم في الطعام والشراب عن ابن عباس قال: لما نزلت * (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) * (سورة الأنعام، الآية: 152) عزلوا أموال اليتامى حتى جعل الطعام يفسد واللحم ينتن، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت: * (وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح) * (سورة البقرة، الآية: 220) قال: فخالطوهم رواه أحمد والنسائي وأبو داود.
الحديث أخرجه أيضا الحاكم وصححه، وفي إسناده عطاء بن السائب وقد تفرد بوصله وفيه مقال. وقد أخرج له البخاري مقرونا. وقال أيوب: ثقة، وتكلم فيه غير واحد. وقال الإمام أحمد: من سمع منه قديما فهو صحيح، ومن سمع منه حديثا لم يكن بشئ، ووافقه على ذلك يحيى بن معين، وهذا الحديث من رواية جرير بن عبد الحميد عنه وهو ممن سمع منه حديثا. ورواه النسائي من وجه آخر عن عطاء موصولا وزاد فيه: وأحل لهم خلطهم. ورواه عبد بن حميد عن قتادة مرسلا. ورواه الثوري في تفسيره عن سعيد بن جبير مرسلا أيضا. قال في الفتح: وهذا هو المحفوظ مع إرساله.
وروى عبد بن حميد من طريق السدي عمن حدثه عن ابن عباس قال: المخالطة أن تشرب من لبنه ويشرب من لبنك، وتأكل من قصعته ويأكل من قصعتك، والله يعلم المفسد من المصلح، من يتعمد أكل مال اليتيم ومن يتجنبه. وقال أبو عبيد: المراد بالمخالطة أن يكون اليتيم بين عيال الوالي عليه فيشق عليه إفراز طعامه فيأخذ من مال اليتيم قدر ما يرى أنه كافيه بالتحري فيخلطه بنفقة عياله، ولما كان ذلك قد تقع