فقيل: إنها عمرة مفردة لما ثبت عنها في الصحيح أنها قالت: فكنت ممن أهل بعمرة. وقيل : إنها أحرمت بالحج أولا وكانت مفردة لما ثبت عنها في الصحيح: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا نرى إلا أنه الحج وثبت عنها في حديث آخر: لبينا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالحج وقد أطال ابن القيم الكلام على هذا وبين الراجح من القولين، ودليل من قال: إنها كانت قارنة الحديث المتقدم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: يسعك طوافك لحجك وعمرتك وإلى هذا ذهب الجمهور، وذهب الكوفيون إلى أنها كانت غير قارنة لما ثبت في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: وأهلي بالحج ودعي العمرة وأجاب الجمهور بأنها لم ترفض العمرة لما في صحيح مسلم عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها بعد أن أمرها أن تهل بالحج ففعلت ووقفت المواقف كلها حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وبالصفا والمروة وكذلك قوله: يسعك طوافك لحجك وعمرتك وقد قدمنا تأويل قوله: دعي العمرة، وقد استدل بقول عائشة المذكور: نحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أزواجه أن البقرة تجزئ عن أكثر من سبعة وقد ثبت في رواية: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحر عن أزواجه بقرة أخرجها النسائي وأبو داود وغيرهما، وكذا في صحيح مسلم، والظاهر أنه لم يتخلف أحد من زوجاته يومئذ وهن تسع، ولكن لا يخفى أن مجرد هذا الظاهر لا تعارض به الأحاديث الصريحة الصحيحة السالفة المجمع على مدلولها.
باب أن من بعث بهدي لم يحرم عليه شئ بذلك عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهدي من المدينة فأفتل قلائد هديه ثم لا يجتنب شيئا مما يجتنب المحرم رواه الجماعة. وفي رواية: أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة: أن عبد الله بن عباس قال: من أهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه، فقالت عائشة: ليس كما قال ابن عباس أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيدي ثم قلدها بيده، ثم بعث