من أفجر الفجور هذا من أباطيلهم المستندة إلى غير أصل كسائر أخواتها. قوله: ويجعلون المحرم صفر قال في الفتح: كذا هو في جميع الأصول من الصحيحين. قال النووي:
كان ينبغي أن يكتب بالألف، ولكن على تقدير حذفها لا بد من قراءته منصوبا لأنه مصروف بلا خلاف، يعني والمشهور في اللغة الربعية كتابة المنصوب بغير الألف، فلا يلزم من كتابته بغير ألف أن لا يصرف فيقرأ بالألف، وسبقه عياض إلى نفي الخلاف فيه، لكن في المحكم كان أبو عبيدة لا يصرفه، فقيل: لا يمنع الصرف حتى يجتمع علتان فما هما؟ قال: المعرفة والساعة، وفسره المظفري بأن مراده بالساعة الزمان، والأزمنة ساعات، والساعات مؤنثة انتهى. وإنما جعلوا المحرم صفرا لما كانوا عليه من النسئ في الجاهلية، فكانوا يسمون المحرم صفرا ويحلونه ويؤخرون تحريم المحرم لئلا يتوالى عليهم ثلاثة أشهر محرمة، فيضيق عليهم فيها ما يعتادون من المقاتلة والغارة والنهب، فضللهم الله عز وجل في ذلك فقال: * (إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا) * سورة التوبة، الآية: 37).
قوله: إذا برأ الدبر بفتح الدال المهملة والموحدة أي ما كان يحصل بظهور الإبل من الحمل عليها ومشقة السفر، فإنه كان يبرأ عند انصرافهم من الحج. قوله: وعفا الأثر أي اندرس أثر الإبل وغيرها في سيرها، ويحتمل أثر الدبر المذكور، وهذه الألفاظ تقرأ ساكنة الراء لإرادة السجع، ووجه تعليق جواز الاعتمار بانسلاخ صفر مع كونه ليس من أشهر الحج أنهم لما جعلوا المحرم صفرا وكانوا لا يستقرون ببلادهم في الغالب ويبرأ دبر إبلهم إلا عند انسلاخه ألحقوه بأشهر الحج على طريق التبعية، وجعلوا أول أشهر الاعتمار شهر المحرم الذي هو في الأصل صفر والعمرة عندهم في غير أشهر الحج. قوله: قال حل كله أي الحل الذي يجوز معه كل محظورات الاحرام حتى الوطئ للنساء. قوله: هذه عمرة استمتعنا بها هذا من متمسكات من قال: إن حجه صلى الله عليه وآله وسلم كان تمتعا، وتأوله من ذهب إلى خلافه بأنه أراد به من تمتع من أصحابه، كما يقول الرجل الرئيس في قومه: فعلنا كذا وهو لم يباشر ذلك، وقد تقدم الكلام على حجه صلى الله عليه وآله وسلم. قوله: فإن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة قيل: معناه سقط فعلها بالدخول في الحج وهو على قول من لا يرى العمرة واجبة، وأما من يرى أنها واجبة فقال النووي: قال أصحابنا وغيرهم:
فيه تفسير أن أحدهما معناه دخلت أفعال العمرة في أفعال الحج إذا جمع بينهما بالقران،