السفر إذا وجدت وجب الحج على الجميع. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تسافر المرأة إلا مع محرم عام في كل سفر فيدخل فيه الحج فمن أخرجه عنه خص الحديث بعموم الآية، ومن أدخله فيه خص الآية بعموم الحديث، فيحتاج إلى الترجيح من خارج انتهى. ويمكن أن يقال: إن أحاديث الباب لا تعارض الآية لأنها تضمنت أن المحرم في حق المرأة من جملة الاستطاعة على السفر التي أطلقها القرآن، وليس فيها إثبات أمر غير الاستطاعة المشروطة حتى تكون من تعارض العمومين لا يقال: الاستطاعة المذكورة قد بينت بالزاد والراحلة كما تقدم. لأنا نقول: قد تضمنت أحاديث الباب زيادة على ذلك البيان باعتبار النساء غير منافية فيتعين قبولها، على أن التصريح باشتراط المحرم في سفر الحج لخصوصه كما في الرواية التي تقدمت مبطل لدعوى التعارض.
باب من حج عن غيره ولم يكن حج عن نفسه عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة، قال: من شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب لي، قال: حججت عن نفسك؟ قال: لا، قال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة رواه أبو داود وابن ماجة. وقال: فاجعل هذه عن نفسك ثم احجج عن شبرمة والدار قطني وفيه قال: هذه عنك وحج عن شبرمة.
الحديث أخرجه أيضا ابن حبان وصححه والبيهقي وقال: إسناده صحيح، وليس في هذا الباب أصح منه، وقد روي موقوفا، والرفع زيادة يتعين قبولها إذا جاءت من طريق ثقة وهي ههنا كذلك، لأن الذي رفعه عبدة بن سليمان، قال الحافظ: وهو ثقة محتج به في الصحيحين، وقد تابعه على رفعه محمد بن بشر ومحمد بن عبيد الله الأنصاري، وكذا رجح عبد الحق وابن القطان رفعه، ورجح الطحاوي أنه موقوف، وقال أحمد: رفعه خطأ. وقال ابن المنذر: لا يثبت رفعه. وقد أطال الكلام صاحب التلخيص ومال إلى صحته. قوله: سمع رجلا زعم ابن باطيش أن اسم الملبي نبيشة، قال الحافظ: وهو وهم منه فإنه اسم الملبي عنه فيما زعم الحسن بن عمارة، وخالفه الناس فيه فقالوا: إنه شبرمة وقد قيل: إن الحسن بن عمارة رجع عن ذلك، وقد بينه الدارقطني في السنن، وظاهر الحديث أنه لا يجوز لمن لم يحج عن نفسه أن يحج عن