معاملة اليهود إما بيان الجواز أو لأنهم لم يكن عندهم إذ ذاك طعام فاضل عن حاجتهم، أو خشي أنهم لا يأخذون منه ثمنا أو عوضا فلم يرد التضييق عليهم.
وعن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقول: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة رواه الجماعة إلا مسلما والنسائي. وفي لفظ: إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها، ولبن الدر يشرب وعلى الذي يشرب نفقته رواه أحمد.
الحديث له ألفاظ منها ما ذكر المصنف. ومنها بلفظ: الرهن مركوب ومحلوب رواه الدارقطني والحاكم وصححه من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا. قال الحاكم: لم يخرجاه لأن سفيان وغيره وقفوه على الأعمش، وقد ذكر الدارقطني الاختلاف فيه على الأعمش وغيره ورجح الموقوف، وبه جزم الترمذي.
وقال ابن أبي حاتم: قال أبي رفعه يعني أبا معاوية مرة ثم ترك الرفع بعد، ورجح البيهقي أيضا الوقف. قوله: الظهر أي ظهر الدابة. قوله: يركب بضم أوله على البناء للمجهول لجميع الرواة كما قال الحافظ، وكذلك يشرب وهو خبر في معنى الامر كقوله تعالى: * (والوالدات يرضعن) * (سورة البقرة، الآية: 233) وقد قيل: إن فاعل الركوب والشرب لم يتعين فيكون الحديث مجملا، وأجيب بأنه لا إجمال، بل المراد المرتهن بقرينة أن انتفاع الراهن بالعين المرهونة لأجل كونه مالكا، والمراد هنا الانتفاع في مقابلة النفقة، وذلك يختص بالمرتهن، كما وقع التصريح بذلك في الرواية الأخرى. ويؤيده ما وقع عند حماد بن سلمة في جامعه بلفظ: إذا ارتهن شاة شرب المرتهن من لبنها بقدر علفها، فإن استفضل من اللبن بعد ثمن العلف فهو ربا ففيه دليل على أنه يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن إذا قام بما يحتاج إليه ولو لم يأذن المالك، وبه قال أحمد وإسحاق والليث والحسن وغيرهم.
وقال الشافعي وأبو حنيفة ومالك وجمهور العلماء: لا ينتفع المرتهن من الرهن بشئ، بل الفوائد للراهن والمؤن عليه، قالوا: والحديث ورد على خلاف القياس من وجهين:
أحدهما التجويز لغير المالك أن يركب ويشرب بغير إذنه. والثاني تضمينه ذلك بالنفقة لا بالقيمة. قال ابن عبد البر: هذا الحديث عند جمهور الفقهاء ترده أصول مجمع عليها وآثار ثابتة لا يختلف في صحتها، ويدل على نسخه حديث ابن عمر عند البخاري وغيره