بالنسخ لتحريم أكل لحوم الأضاحي بعد الثلاث وادخارها، وإليه ذهب الجماهير من علماء الأمصار من الصحابة والتابعين فمن بعدهم. وحكى النووي عن علي عليه السلام وابن عمر أنهما قالا: يحرم الامساك للحوم الأضاحي بعد ثلاث، وأن حكم التحريم باق، وحكاه الحازمي في الاعتبار عن علي عليه السلام أيضا والزبير وعبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر، ولعلهم لم يعلموا بالناسخ، ومن علم حجة علي من لم يعلم، وقد أجمع على جواز الأكل والادخار بعد الثلاث من بعد عصر المخالفين في ذلك، ولا أعلم أحدا بعدهم ذهب إلى ما ذهبوا إليه. قوله: كلوا استدل بهذا الامر ونحوه من الأوامر المذكورة في الباب من قال بوجوب الاكل من الأضحية، وقد حكاه النووي عن بعض السلف وأبي الطيب بن سلمة من أصحاب الشافعي، ويؤيده قوله تعالى: * (فكلوا منها) * (سورة الحج، الآية: 28) وحمل الجمهور هذه الأوامر على الندب والإباحة لورودها بعد الحظر وهو عند جماعة للإباحة. وحكى النووي عن الجمهور أنه للوجوب، والكلام في ذلك مبسوط في الأصول. قوله: وأطعموا وفي حديث عائشة: وتصدقوا فيه دليل على وجوب التصدق من الأضحية، وبه قالت الشافعية إذا كانت أضحية تطوع، قالوا : والواجب ما يقع عليه اسم الاطعام والصدقة، ويستحب أن يكون بمعظمها، قالوا: وأدنى الكمال أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويهدي الثلث، وفي قول لهم: يأكل النصف ويتصدق بالنصف، ولهم وجه أنه لا يجب التصدق بشئ وقال القاسم بن إبراهيم : إنه يتصدق بالبعض غير مقدر قال في البحر: وفي جواز أكلها جميعها وجهان عن الامام يحيى أصحهما لا يجوز، إذ يبطل به القربة وهي المقصود، وقيل: والقربة تعلقت بإهراق الدم، فإن فعل لم يضمن شيئا عند الجميع إذ لا دليل قلت:
وفي كلام الامام يحيى نظر مع القول بأنها سنة انتهى. قوله: فأردت أن تعينوا فيها بالعين المهملة من الإعانة هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: أن يفشو فيهم بالفاء والشين المعجمة، أي يشيع لحم الأضاحي في الناس وينتفع به المحتاجون. قال القاضي عياض في شرح مسلم: الذي في مسلم أشبه وقال في المشارق: كلاهما صحيح . والذي في البخاري أوجه. والجهد هنا بفتح الجيم وهو المشقة والفاقة. قوله: أصلح لي لحم هذه الخ فيه تصريح بجواز ادخار لحم الأضحية فوق ثلاث، وجواز التزود منه، وأن التزود منه في الاسفار لا يقدح في التوكل ولا يخرج المتزود عنه، وأن الأضحية