نقدا أو بألفين نسيئة، فهذا بيع واحد تضمن شرطين يختلف المقصود فيه باختلافهما، ولا فرق بين شرطين وشروط، وهذا التفسير مروي عن زيد بن علي وأبي حنيفة، وقيل معناه أن يقول: بعتك ثوبي بكذا وعلى قصارته وخياطته فهذا فاسد عند أكثر العلماء، وقال أحمد: إنه صحيح، وقد أخذ بظاهر الحديث بعض أهل العلم فقال:
إن شرط في البيع شرطا واحدا صح، وإن شرط شرطين أو أكثر لم يصح، فيصح مثلا أن يقول: بعتك ثوبي على أن أخيطه، ولا يصح أن يقول: على أن أقصره وأخيطه. ومذهب الأكثر عدم الفرق بين الشرط والشرطين، واتفقوا على عدم صحة ما فيه شرطان. قوله: ولا ربح ما لم يضمن يعني لا يجوز أن يأخذ ربح سلعة لم يضمنها، مثل أن يشتري متاعا ويبيعه إلى آخر قبل قبضه من البائع، فهذا البيع باطل وربحه لا يجوز، لأن المبيع في ضمان البائع الأول، وليس في ضمان المشتري منه لعدم القبض. قوله: ولا بيع ما ليس عندك قد قدمنا الكلام عليه في باب النهي عن بيع ما لا يملكه.
باب من اشترى عبدا بشرط أن يعتقه عن عائشة أنها أرادت أن تشتري بريرة للعتق فاشترطوا ولاءها، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: اشتريها وأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق متفق عليه، ولم يذكر البخاري لفظة أعتقيها.
قوله: بريرة هي بفتح الباء الموحدة وبراءين بينهما تحتية بوزن فعيلة مشتقة من البربر وهو ثمر الأراك، وقيل: إنها فعيلة من البر بمعنى مفعولة أي مبرورة، أو بمعنى فاعلة كرحيمة أي بارة وكانت لناس من الأنصار كما وقع عند أبي نعيم، وقيل لناس من بني هلال قاله ابن عبد البر. وقد ذكر المصنف رحمه الله ههنا هذا الطرف من الحديث للاستدلال به على جواز البيع بشرط العتق، وسيأتي الحديث بكماله قريبا.
قال النووي: قال العلماء: الشرط في البيع أقسام. أحدها: يقتضيه إطلاق العقد كشرط تسليمه. الثاني: شرط فيه مصلحة كالرهن وهما جائزان اتفاقا. الثالث: اشتراط العتق في العبد وهو جائز عند الجمهور لهذا الحديث. الرابع: ما يزيد على مقتضى العقد ولا مصلحة فيه للمشتري كاستثناء منفعته فهو باطل.