فيه دلالة على الاكتفاء دائما، لأنه نكرة إذ الجمل نكرات، ولو كان للعموم في كل وقت، لم يكن فقدان الماء شرطا، وهو منفي بالإجماع.
احتج أبو حنيفة (١) بقوله تعالى: ﴿فلم تجدوا ماءا فتيمموا﴾ (2) وهو قبل الطلب غير واجد، فساغ له التيمم وبقوله عليه السلام: (التراب كافيك ما لم تجد الماء) (3) ولأنه غير عالم بوجود الماء قريبا منه، فأشبه ما لو طلب فلم يجد.
والجواب عن الأول: إن عدم الوجدان إنما يكون بعد الطلب وقد سبق تقريره، وهو الجواب عن الحديث، وعن القياس بالفرق، فإن مع الطلب يتحقق فقدان الماء الذي هو الشرط في الترخص، بخلاف ما إذا لم يطلب فإنه غير عالم ولا ظان بوجود الشرط، ومع الشك في وجود الشرط لا يتحقق الجواز المشروط.
مسألة: اختلف عبارة الأصحاب في الطلب وحده، فقال الشيخ في المبسوط: الطلب واجب قبل تضييق الوقت، في رحله وعن يمينه وعن يساره وسائر جوانبه رمية سهم أو سهمين إذا لم يكن هناك خوف (4)، وقال في النهاية: ولا يجوز له التيمم في آخر الوقت إلا بعد طلب الماء في رحله، وعن يمينه ويساره مقدار رمية أو رميتين إذا لم يكن هناك خوف (5). وأسقط لفظة سائر جوانبه. وقال المفيد في المقنعة: ومن فقد الماء فلا يتيمم حتى يدخل وقت الصلاة، ثم يطلبه أمامه وعن يمينه وعن شماله مقدار رمية سهمين من كل جهة إن كانت الأرض سهلة، وإن كانت حزنة، طلبه من كل جهة