ألفاظ حديث أبي حميد قال جلس النبي صلى الله عليه وسلم على أليتيه وجعل بطن قدمه عند مأبض اليمنى ونصب قدمه اليمنى، وروى الأثرم في صفته قال رأيت أبا عبد الله يتورك في الرابعة في التشهد فيدخل رجله اليسرى يخرجها من تحت ساقه الأيمن ولا يقعد على شئ منها وينصب اليمنى ويفتح أصابعه وينحي عجزه كله ويستقبل بأصابعه اليمنى القبلة وركبته اليمنى على الأرض ملزقة وهكذا ذكر أبو الخطاب وأصحاب الشافعي وأن أبا حميد قال في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدمه من ناحية واحدة رواه أبو داود وأيهما فعل فحسن (فصل) وهذا التشهد والجلوس له من أركان الصلاة وممن قال بوجوبه عمر وابنه وأبو مسعود البدري والحسن والشافعي ولم يوجبه مالك ولا أبو حنيفة الا أن أبا حنيفة أوجب الجلوس قدر التشهد وتعلقا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمه الاعرابي فدل على أنه غير واجب ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به فقال " قولوا التحيات لله " وأمره يقتضي الوجوب وفعله وداوم عليه. وقد روي عن ابن مسعود أنه قال: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله قبل عباده، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تقولوا السلام على الله ولكن قولوا التحيات لله " إلى آخره وهذا يدل على أنه فرض بعد أن لم يكن مفروضا وحديث الاعرابي يحتمل أنه كان قبل أن يفرض التشهد ويحتمل أنه ترك تعليمه لأنه لم يره أساء في تركه * (مسألة) * قال (ولا يتورك الا في صلاة فيها تشهدان في الأخير منهما) وجملته أن جميع جلسات الصلاة لا يتورك فيها إلا في تشهد ثان. وقال الشافعي يسن التورك في كل تشهد يسلم فيه وان لم يكن ثانيا كتشهد الصبح والجمعة وصلاة التطوع لأنه تشهد يسن تطويله فسن فيه التورك كالثاني.
ولنا حديث وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جلس للتشهد افترش رجله اليسرى ونصب رجله اليمنى ولم يفرق بين ما يسلم فيه وما لا يسلم. وقالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى، رواه مسلم وهذان يقضيان على كل تشهد بالافتراش إلا ما خرج منه لحديث أبي حميد في التشهد الثاني فيبقى فيما عداه على قضية الأصل ولان هذا ليس بتشهد ثان فلا يتورك فيه كالأول وهذا لأن التشهد الثاني إنما تورك فيه للفرق بين التشهدين وما ليس فيه إلا تشهد واحد لا اشتباه فيه فلا حاجة إلى الفرق وما ذكروه من المعنى إن صح فيضم إليه هذا المعنى الذي ذكرناه ونعلل الحكم بهما. والحكم إذا علل بعلتين لم يجز تعديه لتعدى أحدهما دون الآخر والله أعلم.