ولنا ما تقدم من حديث جابر وأبي برزة وقول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس، متفق عليه. وعن أبي مسعود الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غلس بالصبح ثم أسفر مرة ثم لم يعد إلى الاسفار حتى قبضه الله، رواه أبو داود قال الخطابي: وهو صحيح الاسناد. وقالت عائشة رضي الله عنها ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة لوقتها الآخر مرتين حتى قبضه الله، وهذا حديث غريب وليس اسناده بمتصل فأما الاسفار المذكور في حديثهم فالمراد به تأخيرها حتى يتبين طلوع الفجر وينكشف يقينا من قولهم أسفرت المراة إذا كشفت وجهها.
(فصل) ولا يأثم بتعجيل الصلاة التي يستحب تأخيرها ولا بتأخير ما يستحب تعجيله إذا أخره عازما على فعله ما لم يخرج الوقت أو يضيق عن فعل العبادة جميعها لأن جبريل صلاها بالنبي صلى الله عليه وسلم في أول الوقت وآخره وصلاها النبي صلى الله عليه وسلم في أول الوقت وآخره وقالا " الوقت ما بين هذين " ولان الوجوب موسع فهو كالتكفير يجب موسعا بين الأعيان فإن أخر غير عازم على الفعل أثم بذلك التأخير المقترن بالعزم. فإن أخرها بحيث لم يبق من الوقت ما يتسع لجميع الصلاة أثم أيضا لأن الركعة الأخيرة من جملة الصلاة فلا يجوز تأخيرها عن الوقت كالأولى.
(فصل) فإن أخر الصلاة عن أول وقتها بنية فعلها فمات قبل فعلها لم يكن عاصيا لأنه فعل ما