يدل على التخيير بين الإتيان بالصلاة في كل جزء من أجزاء الوقت، فتخصيص أحد الأجزاء به ترجيح من غير مرجح، أو تخصيص من غير دليل، لأنا سنبطل أدلة القائلين بالمضايقة إن شاء الله تعالى.
لا يقال: المقدمات كلها مسلمة إلا الأخيرة، فإنا نمنع العمومية بالنسبة إلى المكلفين وبالنسبة إلى أجزاء الوقت لما سيأتي من وجوب التضيق على من فاتته الصلاة.
لأنا نقول: العموم ظاهر لإمكان الاستثناء لكل فرد من أفراد المكلفين، ولكل جزء من أجزاء الوقت، وصورة النزاع يمكن استثناؤها، فيكون تناوله لها كتناوله لغيرها، والأدلة التي يذكرونها سنبطلها إن شاء الله تعالى.
سلمنا ثبوت أدلتكم، لكنها تدل على وجوب قضاء الفوائت في كل وقت ما لم تتضيق الحاضرة، ولأنه يدل على وجوب الحاضرة من أول وقتها إلى آخره، فليس ترجيح أحد الواجبين أولى من الآخر، فيبقى المكلف مخيرا في الجمع بينهما، بأن يقدم ما شاء منهما.
الوجه الثاني من الكتاب: قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا أقيموا الصلاة " (1).
ولا خلاف في أن الأمر للوجوب، ولا وجوب لغير الفرائض المعينة فيتعين الأمر بها، وإيجابها عام فلا يتخصص (2) بوقت ولا بحال إلا بدليل.
لا يقال: نحن لا نمنع وجوب اليومية مثلا بهذه الآية وبغيرها من الأدلة، لكنا قد أجمعنا على أنها واجب موسع والأمر بالقضاء مضيق، لقوله - عليه السلام -: " من نام عن صلاة أو نسيها فليقضها إذا ذكرها " (3)، وإذا اجتمع الموسع والمضيق قدم المضيق إجماعا.