فانظر إليه منزها ومشبها * والحكم للإقدام في الإقدام علم الوجود ضياؤه وظلامه * نور يمازجه كيان ظلام ما إن رأيت ولا سمعت بمثله * شمس تشاهد في حجاب غمام إني حكمت على الزمان بمثل ما * حكمت عليه مشارق الأيام فالدهر محكوم عليه وحاكم * مع كونه يسمو على الحكام حكمت عليه شرائع ودلائل * مع كونها من جملة الخدام واعلم بأنك إن نظرت بعينه * يبدو لك الإحكام في الأحكام قال الله تعالى لنبيه ص قل إنما أعظكم بواحدة فقال بعض السامعين سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين فاعتنى الله بأهل الايمان فقال وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين فالتفت إلى القابل وما التفت إلى المعرض فلم يرتبط الوجود إلا بالمؤمن وهو سبحانه المؤمن المهيمن على المؤمنين فجزاء الله عندنا على هذا الاعتناء العمل بما شرع والمبادرة لما به نهي وأمر اعتناء باعتناء وهو أحق بنا فإن اعتناءنا بالقبول يعود علينا نفعه لافتقارنا إلى ذلك النفع واعتناؤه بنا امتنان منه لأنه غني حميد بغناه فوعظنا بالحوادث الواقعة على خلاف الأغراض مما تنفر عنه طبا عنا وذكرنا بأنا معرضون لحلولها بنا إلا أن يعصم الله في بعضها لا في كلها فإن منتهى الدوائر وأعظمها الموت ولا بد منه بأي وجه كان ولست أعني بالموت إلا الانتقال عن هذه الدار فإن الشهيد منتقل وإن لم يتصف بالموت هكذا أمرنا المؤدب أن نقول فإن لنا نصيبا من الأدب الإلهي الذي أدب به الله رسوله ص فليس أدب الله خاصا بأحد دون أحد فمن قبله سعد وكان ممن أدبه الله وانتمى إلى الله في الأدب وهو أحسن الأدب وقد نهانا أن نقول لمن يقتل في سبيل الله إنه ميت ولا نحسب أنه ميت بل هو حي عند ربه وفي إيماني يرزق وذكرنا تعالى بموعظته ذكرى حال إذ أصاب من قبلنا بوقوع تلك الدوائر عليهم ألذ الفعل فعل القهر فانظر * بعقلك إذا رأتك سنى الوجود فكن لي إن تكن لي أنت كلي * وإن لم فاعتبر فالجود جودي لقد تبنا وما خفنا عقابا * وقد أعني المجيد عن المجيد فقل للمنكرين صحيح قولي * لقد غبتم عن إحسان المجيد وذكر بأمور أخبر عنها في المستقبل عند الانتقال إلى الدار الآخرة تقع بالعباد مما يسر وقوعها ومما لا يسر ومما يوافق الغرض ويلائم الطبع ومما لا يلائم الطبع ولا يوافق الغرض ومما يدل على الكمال والنقص فذكر بالرغبة في ذلك والرهبة من ذلك وذكر بنفسه لما علم تعالى أن إفراط القرب حجاب عظيم عن القرب وقد قال إنه أقرب إلينا من حبل الوريد وحبل الوريد نعلم قربه ولا تراه أبصارنا كذلك قرب الحق منا نؤمن بقربه ولا تدركه أبصارنا فلذلك ذكر بنفسه لا لبعده لأنه حفيظ والحفظ يطلب القرب بلا شك فنحن بعينه وهو معنا حيثما كنا لا بل أينما كنا ونستغفر الله من عثرات اللسان وإن كان من عند الله فالأدب أولى ولا سيما فيما ينسب إلى الجناب الإلهي لا ينبغي للأديب إن يتكل على المعنى بل الأدب في مراعاة الألفاظ فإنه تعالى لم يعدل إلى لفظ دون غيره سدى فلا نعدل عنه فإن العدول عنه إلى مثله في المعنى تحريف بغير فائدة ويقنع العدو من الكبراء بهذا القدر فهي مزلة قدم ومكر خفي ورعونة نفس وإظهار مرتبة دنية يتخيل مظهرها أنها زلفى وإنها رتبة أسنى وأعلى فلما ذكر بنفسه ذكر أنه إليه يرجع الأمر كله لنعلم أن المرجع إليه فلا نقوم في شئ نحتاج فيه إلى الاعتذار عنه أو نستحي منه عند المرجع إليه والعبد الصحيح العبودية مع الموافقة لا يكون له إدلال فكيف مع المخالفة ولما ذكر بنفسه أحال عباده على أنفسهم وقال لهم إن عرفتم نفوسكم عرفتموني فمن الأدب أن نرجع بالنظر إلى نفسي فإن نظرت فيه وتركت نفسي فما تأدبت وإذا لم أكن أديبا لم نكن من أهل البساط فحرمت المشاهدة فحرمت العلم الذي يعطيه الشهود
(٦٧)