فلو لا الحب ما عرف الوداد * ولولا الفقر ما عبد الجواد فنحن به ونحن له جميعا * فمن ودي عليه الاعتماد إذا شاء الإله وجود عين * بها قد شاءها فمضى العناد فكنا عند كن من غير بطء * ونعت الكون ذاك المستفاد فعين الحب عين الكون منه * وعينه وأظهره الوداد فلم يزل يحب فلم يزل ودودا فهو يوجد دائما في حقنا فهو كل يوم في الشأن ولا معنى للوداد إلا هذا فنحن بلسان الحال والمقال لا نزال نقول له افعل كذا افعل كذا ولا يزال هو تعالى يفعل ومن فعله فينا نقول له افعل أترى هذا فعل مكره ولا مكره له تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا بل هذا حكم الاسم الودود منه فإنه الغفور الودود منه فإنه الغفور الودود ذو العرش المجيد الذي استوى عليه بالاسم الرحمن فإنه ما رحم إلا صبابة المحب وهي رقة الشوق إلى لقاء المحبوب ولا يلقاه إلا بصفته وصفته الوجود فأعطاه الوجود ولو كان عنده أكمل من ذلك ما بخل به عليه كما قال الإمام أبو حامد في هذا المقام ولو كان وادخره لكان بخلا ينافي الجود وعجزا يناقض القدرة فأخبر تعالى أنه الغفور الودود أي الثابت المحبة في غيبه فإنه عز وجل يرانا فيرى محبوبه فله الابتهاج به والعالم كله إنسان واحد هو المحبوب وأشخاص العالم أعضاء ذلك الإنسان وما وصف المحبوب بمحبة محبه وإنما جعله محبوبا لا غير ثم إن من رزقه أن يحبه كحبه إياه أعطاه الشهود ونعمه بشهوده في صور الأشياء فالمحبون له من العالم بمنزلة إنسان العين من العين فالإنسان وإن كان ذا أعضاء كثيرة فما يشهد ويرى منه إلا العينان خاصة فالعين بمنزلة المحبين من العالم فأعطى الشهود لمحبيه لما علم حبهم فيه وهو عنده علم ذوق ففعل مع محبيه فعله مع نفسه وليس إلا الشهود في حال الوجود الذي هو محبوب للمحبوب فما خلق الجن والإنس إلا ليعبدوه فما خلقهم من بين الخلق إلا لمحبته فإنه ما يعبده ويتذلل إليه إلا محب وما عدا الإنسان فهو مسبح بحمده لأنه ما شهده فيحبه فما تجلى لأحد من خلقه في اسمه الجميل إلا للإنسان وفي الإنسان في علمي فلذا ما فنى وهام في حبه بكليته إلا في ربه أو فيمن كان مجلي ربه فأعين العالم المحبون منه كان المحبوب ما كان فإن جميع المخلوقين منصات تجلى الحق فودادهم ثابت فهم الأوداء وهو الودود والأمر مستور بين الحق والخلق بالخلق والحق ولهذا أتى مع الودود الاسم الغفور لأجل الستر فقيل قيس أحب ليلى فليلي عن المجلى وكذلك بشر أحب هندا وكثير أحب عزة وابن الدريح أحب لبنى وتوبة أحب الإخيلية وجميل أحب بثينة وهؤلاء كلهم منصات تجلى الحق لهم عليها وإن جهلوا من أحبوه بالأسماء فإن الإنسان قد يرى شخصا فيحبه ولا يعرف من هو ولا يعرف اسمه ولا إلى من ينتسب ولا منزله ويعطيه الحب بذاته أن يبحث عن اسمه ومنزله حتى يلازمه ويعرفه في حال غيبته باسمه ونسبه فيسأل عنه إذا فقد مشاهدته وهكذا حبنا الله تعالى نحبه في مجاليه وفي هذا الاسم الخاص الذي هو ليلى ولبنى أو من كان ولا نعرف أنه عين الحق فهنا نحب الاسم ولا نعرف أنه عين الحق فهنا نحب الاسم ولا نعرف العين وفي المخلوق تعرف العين وتحب وقد لا يعرف الاسم أيأبى الحب إلا التعريف به أي بالمحبوب فمنا من يعرفه في الدنيا ومنا من لا يعرفه حتى يموت محبا في أمر ما فينقدح له عند كشف الغطاء أنه ما أحب إلا الله وحجبه اسم المخلوق كما عبد المخلوق هنا من عبده وما عبد إلا الله من حيث لا يدري ويسمى معبوده بمناة والعزى واللات فإذا مات وانكشف الغطاء علم أنه ما عبد إلا الله فالله يقول وقضى ربك أي حكم أن لا تعبدوا إلا إياه وكذلك كان عابد الوثن لولا ما اعتقد فيه الولهة بوجه ما عبده إلا أنه بالستر المسدل في قوله تعالى الغفور الودود لم يعرفه وليس إلا الأسماء ولذلك قال المعبود الحقيقي في نفس الأمر لما أضافوا عبادتهم إلى المجالي والمنصات قل سموهم فإذا سموهم عرفوهم وإذا عرفوهم عرفوا الفرق بين الله وبين من سموه كما تعرف المنصة من المتجلي فيها فتقول هذه مجلي هذا فيفرق فهكذا الأمر إن عقلنا * فإن تكن فيه كنت أنتا منصة الحق أنت حقا * فأنت ما أنت حين أنتا فقد ملكت الذي أردنا * وقد علمت الذي عبدتا
(٢٦٠)