فله الجود والكرم * والسخاء الذي يعم * وله الوهب منعما * للذي تطلب الهمم ليس يدري ما حكم لا * إنما حكمه نعم * والوجود الذي له * عندنا كله نعم إن بلعام عبرة * في الذي قاله فتم * فانظروا في الذي بدا * وانظروا في الذي حكم هو قولي في حكم لا * ليس يدري لمن فهم * فخذوه مبينا * وأنا لو رأيت ثم لا تقل عند ما ترى * أنه جار أو ظلم * جل عن مثل ذا وذا * فاكتم الأمر ينكتم والعطاء منه واجب ومنه امتنان فإعطاء الحق العالم الوجود امتنان وإعطاء كل موجود من العالم خلقه واجب وهو قوله أعطى كل شئ خلقه يعني في نفس الأمر ثم هدى بين بالتعريف أنه أعطى كل شئ خلقه والجود والإنعام والكرم الذاتي أوجب هذا العطاء عليه لما قال كتب ربكم على نفسه الرحمة فأوجبها للعالم على نفسه ولكن لا كل العالم بل لعالم مخصوص وهو المنعوت في قوله تعالى إنه من عمل منكم سوء بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح وفي قوله فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي وما عدا هؤلاء المنعوتين فإن الله يرحمهم برحمة الامتنان من غير وجود نعت وهي الرحمة التي وسعت كل شئ وفيها يطمع إبليس مع كونه يعلم أنه من أهل النار الذين هم أهلها فلا يخرج منها بل الله يرحمها ويرحم من فيها بوجه دقيق لا يشعر به إلا جهنم ومن فيها بإنعام يليق بذلك الموطن ومزاج يكون أهله عليه بحيث إنهم لو عرضت عليهم الجنة تألموا بالنظر إليها تألم أهل الجنة لو عرض عليهم دخول النار وتحققوا ذلك أعوذ بالله من النار ومما يقرب إليها فكل مكان فيه أهل يخصه * لهم رحمة فيها نعيم ولذات وإن كان مكروها يعود محبا * لمزج لهم فيه سرور وجنات فجنة أهل النار بالنار عينها * وبالقر إعطاء قد أعطتهم الذات فإن اسمه الرحمن في عرشه استوى * فرحمته عمت وبالخلق تقتات فمن هذه الحضرة أوجد العالم وأنزل الشرائع لما نتضمنه من المصالح فهي الخير المحض بما فيها من الأمور المؤلمة المنازعة لما تتعلق به الأغراض النفسية التي خلقها الله بالرحمة خلق الأدوية الكريهة للعلل البغيضة للمزاج الخاص فالرحمة التي بالقوة في زمان استعمال الدواء وبالفعل في زمان وجود العافية مما كان يألم منه فاقدها وهذا كله عطاء إلهي كلا نمد هؤلاء أصحاب الجنة وهؤلاء أصحاب النار من عطاء ربك فعم الجميع مع اختلاف الذوق وما كان عطاء ربك محظورا أي ممنوعا فعم العطاء الكل فعلمنا إن عطاءه عين الرحمة التي سبقت فوسعت كل شئ من مكروه وغيره وغضب وغيره فما في العالم عين قائمة ولا حال إلا ورحمة الله تشمله وتحيط به وهي محل له ولا ظهور له إلا فيها فبالرحمن استوى على عرشه وما انقسمت الكلمة إلا من دون العرش من الكرسي فما تحته فإنه موضع القدمين وليس سوى انقسام الكلمة فظهر الأمر والخلق والنهي والأمر والطاعة والمعصية والجنة والنار كل ذلك عن أصل واحد وهي الرحمة التي هي صفة الرحمن فما استوى علينا إلا برحمته * وما لنا نعيم إلا بنعمته ميداننا عريض في حصر قبضته * نجول فيه حتى نحظى بحظوته ولما كانت اليد لها العطاء ولها القبض فباليد قبض علينا فنحن في قبضته واليد محل العطاء والجود فنحن في محل العطاء لأنا في قبضته فلولا الحصر ما وجد النعيم * ولا كان الجنان ولا الجحيم وفي الدارين إنعام لرحمي * بأهلهما يقوم بهم مقيم وقول الله أصدق كل قيل * يعرف أنه البر الرحيم فالتكوين دائم فالعطاء دائم فهي حضرة لا يحصرها عدد ولا أمد يقطعها تجري إلى غير أجل من حيث ذاتها وإن كان فيها آجال معينة فما تخرج منها فآجالها فيها والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
(٢٧٤)