مقام إعطاء ماله قرضا أو هبة ينشأ القرض أو الهبة بنفس الفعل.
وبالجملة: فكما إذا كان الفعل موجها بعنوان واحد ينشأ العنوان به - كالوطئ الذي به يتحقق الرجوع في العدة الرجعية وبه يتحقق الفسخ في البيع الخياري - فكذلك بنفس الفعل ينشأ العنوان إذا كان ذا وجوه.
إذا عرفت ذلك ظهر جريان المعاطاة في البيع والهبة والقرض، وفي الإجارة والعارية والوديعة، لأن الفعل إما بنفسه مصداق لأحد هذه العناوين، أو ملازم له، فلو لو لم يكن إعطاء كل منهما ماله للآخر بيعا فلا أقل من كونه تسليطا، ومن جهة العادة والسيرة المستمرة من قصد البيع به يقع البيع به وإن كان الفعل في الخارج ملازما للبيع، وهكذا يصح إنشاء المضاربة ونحوها به، فإن الفعل وإن لم يكن إنشاء جميع ما يعتبر في المضاربة به من تعيين الربح ونحوه إلا أنه كل ما يمكن إنشاؤه بالفعل فينشأ به، وكل ما ليس الفعل مصداقا له يتعين بالقول وينشأ باللفظ، ولا مانع من تركيب المعاملة من الفعل والقول إذا كانت المعاملة مشتملة على أمور كلها لا بد من إنشائها إما بالفعل أو القول، كالشرائط التي في ضمن العقود.
وما يقال: من أن منشآت العقود بسيطة ليس معناه أنه لا يمكن إنشاء أمرين في معاملة واحدة، بل معناه أن الأمر الواحد لا يمكن إنشاؤه تدريجا.
وبالجملة: كل شرط في ضمن العقد منشأ مستقل، وتحققه في عالم الاعتبار بإنشائه قولا أو فعلا، فلا مانع من إنشاء المضاربة ونحوها من المزارعة والمساقاة بالفعل. نعم، ما لا يجري فيه المعاطاة أمور:
منها: ما لا يمكن إلا إنشاؤه بالقول خارجا.
ومنها: ما لا يصح إنشاؤه بالفعل شرعا.
ومنها: مورد الخلاف.
فمن الأول: الوصية تمليكية كانت أو عهدية، والتدبير والضمان فإنها لا تنشأ إلا بالقول، لعدم وجود فعل كان مصداقا لهذه العناوين، فإن انتقال الدين من ذمة إلى أخرى لا يمكن أن يتحقق بالفعل، ولا العتق أو الملكية أو القيمومة بعد موت