عقدا ولذا لا يستحق العمل على المأمور، بل الضمان يتحقق بعد إتيان العامل بالعمل بإذن الآمر مع عدم قصده التبرع، فيدخل في ملك الآمر آنا ما ويضمن.
وبالجملة: اختلفوا في أنه لو عين مقدار ما يضمن به فهل يتعين المسمى أو يرجع إلى ضمان المثل أو القيمة، أو يضمن أقل الأمرين من ضمان المسمى والمثل أو القيمة؟ والأقوى هو الثاني، لما عرفت: من أن التعيين بنفسه ليس عقدا، بل التزام ابتدائي ولا يشمله (المؤمنون عند شروطهم) (1)، بناء على ما هو الحق من اختصاص الحديث بالشرط في ضمن العقد، ومنه ظهر ضعف وجه القول الثالث، فإن وجهه إقدام العامل ورضاه بما عين له الآمر، ومع بطلان التعيين فلو كان هو الأقل فقد أقدم العامل به، ولو كان هو ثمن المثل فهو الذي يستحقه.
وجه الضعف: أن إقدام العامل لا أثر له، لأنه ليس إلا التزام بدوي.
وبالجملة: لو كان أمر الآمر وعمل المأمور داخلا في إجارة النفس للعمل لكان المسمى متعينا، وأما مع عدم تحقق الإجارة لا قولا ولا معاطاة فالتعيين لا أثر له.
أما قولا فلعدم الإنشاء باللفظ كما هو المفروض. وأما معاطاة فلأن العمل بنفسه ليس إجارة، لأن إجارة العمل ليست بنفسها صحيحة ولو بالقول، فضلا عن الفعل، وإجارة النفس للعمل لا تتحقق بالفعل، لأن العمل الخارجي ليس مصداقا للإجارة المتعلقة بالنفس. ومجرد قرينية حرفته وصنعته على أنه لا يعمل مجانا لا يوجب أن يكون عمله مصداقا لإجارة نفسه للعمل، فلو حمل المتاع بلا أمر من صاحبه ولا رضاه الذي بمنزلة الآمر لا يدخل عمله في عنوان الإجارة ولا يستحق شيئا من صاحب المتاع ولو قصد الأجرة.
نعم، في إجارة الأموال تسليم المال لاستيفاء المنفعة، وتسلم المستأجر وإعطاء الأجرة إجارة معاطاتية.