هذا، مضافا إلى أنه لا يمكن في خصوص المقام عدم إفادة الجملة للحصر، لأن أكل المال بالباطل لا يمكن أن يكون حلالا في مورد من الموارد، فيكون الاستثناء في المقام من قبيل التخصص لا التخصيص، لأنه لم يستثن موضوع من الموضوعات من حكم الأكل بالباطل، بل (التجارة عن تراض) مغايرة للأكل بالباطل، ويكون مفاد الآية الشريفة كل كسب واكتساب متداول بينكم: من النهب والسرقة والقمار أكل للمال بالباطل، إلا التجارة عن تراض فإنها ليس كذلك، فيكون قوله عز من قائل: (بالباطل) بمنزلة التعليل لقوله: (لا تأكلوا)، فيرجع مقام المعلل والتعليل إلى قوله: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم) بوجه من الوجوه، لأن كل وجه باطل إلا التجارة عن تراض، وهذا راجع إلى المتصل.
وأما دلالة قوله عليه السلام: (لا يحل مال امرئ) (1) على اعتبار المقارنة ففيها ما لا يخفى، فإنه غير ناظر إلى اعتبار الطيب حال العقد أصلا، بل على أن مال الناس لا يحل إلا بالطيب ونحن نلتزم به حين تحقق النتيجة وصيرورة المبيع مالا للمشتري.
وأما حديث الرفع فقد ناقش فيه المصنف أولا: بأنه يدل على رفع المؤاخذة (2)، لا مطلق الآثار. ولكنك خبير بأنه لا وجه لهذا الاستظهار.
ثم تعميم المؤاخذة لمطلق الأحكام التي يتضمنها عقد المكره ولو كانت دنيوية حتى يحتاج إلى الجواب بقوله: والحكم بوقوف عقده على رضاه راجع إلى أن له أن يرضى بذلك، وهذا حق له لا عليه (3).
وحاصل هذا الكلام: أن سوقه في مقام الامتنان يقتضي صحة عقد المكره إذا تعقبه الرضا، لأن المرفوع بالاكراه هو الحق الثابت عليه لا له، ووقوف عقده على رضاه راجع إلى ثبوت اختيار العقد له.
وفيه: أنه لا وجه لاختصاص المرفوع بالآثار المتعلقة بالمكره، بل المرفوع