من قبيل الأسباب، بل من قبيل الإيجاد بالآلة. والمكره وإن كان مقهورا في إيجاده المنشأ إلا أنه لا دليل على اعتبار الاختيار في الإيجاد فيصدق البيع على بيع المكره قبل الرضا وبعده، وإنما أخرجته أدلة اعتبار الرضا عن حكم البيع، فلا يكون في حال من الأحوال خارجا موضوعا حتى يقال: كيف يخرج عنه في حال ويدخل فيه في حالة أخرى؟
وثانيا: المقهورية في المسبب لا تخرج العقد عن الاختيارية كما تقدم أن المناط في اختيارية العقد كونه قاصدا للفظ ومدلوله.
وأما دلالة الأدلة على اعتبار الرضا المقارن ففيه: أما آية (إلا أن تكون تجارة عن تراض) فلا تدل إلا على اعتبار الرضا في نتيجة المصدر، ونحن نلتزم به ونقول باشتراط الرضا المتأخر.
وليس المراد من التجارة هي العقد حتى يعتبر أن يكون عن رضا، بل هي الاكتساب، ولا يحصل شرعا إلا بعد تحقق الرضا كما هو الحق في المقام من النقل والكشف الحكمي. نعم، بناء على الكشف الحقيقي فيشكل الأمر، ولكن لا موجب للالتزام به.
فالصواب في الجواب عن الآية المباركة منع دلالتها على اعتبار الرضا المقارن للعقد.
وأما ما أفاده المصنف (1) قدس سره من منع دلالتها على الحصر مع تسليمه دلالتها على اعتبار الرضا المقارن للعقد ففيه:
أولا: أن كلامه هنا مناف لمختاره في سائر الأبواب (2)، فإن استدلاله بها على أصالة اللزوم لا يتم إلا على فرض دلالتها على الحصر، لأن الأكل بالفسخ لو لم يكن حلالا فلا وجه له إلا عدم كونه تجارة عن تراض، فيجب أن يكون أكل الحلال منحصرا بالتجارة عن تراض.