المصنف من تعلق جواز الرد بنفس العينين، ففي مورد تلفهما لا يبقى موضوع للجواز. وبينا عدم إمكان تعلق حق الرجوع بالمثل أو القيمة عند التلف، لأن التعاطي إنما يقتضي التبديل بين المالين دون الالتزام بهذا التبديل، فلو لم يمكن رد نفس المالين إلى مالكهما الأصلي فرد بدلهما لا وجه له، لأن تحقق المعاملة كما يتوقف على وجودهما فكذلك ردهما أيضا. ولكن الظاهر للمتأمل أن ما ذكرنا: من عدم إمكان الرد إلا مع بقاء العينين استحساني ولا يبتنى على أساس، وذلك لأنه لو قلنا بأصالة اللزوم من جهة الأدلة الثمانية فالاجماع على الجواز لا يقتضي إلا الجواز الحقي المقتضي لبقائه عند التلف.
نعم، لو تردد الجواز بين معنيين متباينين - وهو جواز المعاوضة أو تراد العينين - فلا يمكن التمسك بالعمومات في مورد الشك، لأن المخصص وإن كان منفصلا إلا أن تردده بين المتباينين يوجب سقوط ظهور العام في كل منهما. ولو قلنا بها من باب الاستصحاب فالاجماع على الجواز أيضا لا يقتضي انحصاره بمورد بقاء العينين إلا أن يقوم الاجماع عليه مقيدا، أو كان هناك إجماع تعبدي آخر على أن تلف العينين ملزم كما هو ظاهره قدس سره في قوله: على الظاهر المصرح به في بعض العبائر.
والظاهر عدم كون الاجماع على الجواز مقيدا ببقاء العينين، وعدم قيام الاجماع القطعي على أن تلفهما ملزم. ولو قلنا بأن الفعل ليس فيه جهة لزوم أصلا فالاجماع على الجواز لا أثر له إلا إذا تحقق ما يوجب اللزوم من جهة، كما إذا تلف العينين فإن الجواز من جهة عدم تحقق الملزم إنما يؤثر في رد العين، فإذا تلفت لا يبقى موضوع لهذا الجواز، فيؤثر الجواز من جهة أخرى ويقتضي ثبوته عند تلف العينين، لأن الجواز من جهتين نظير ثبوت الخيار من جهتين، وأحدهما مع وجود الآخر لا أثر له، وإنما يؤثر مع سقوط الآخر.
وبالجملة: لا معنى لتعلق الجواز بنفس العين ابتداء، لأنه لم يقم دليل على كون المقام من قبيل التقاص الثابت لغير المالك في تعلقه بنفس مال الغير، بل