المشكوك جوازها أو لزومها، فمن يدعي اللزوم هو المنكر لمطابقة قوله للأصل، واحتمال كون المقام من باب التداعي إذا كان مصب الدعوى تعيين العقد الواقع في الخارج - كما يظهر من صاحب الجواهر (1) قدس سره تبعا لبعض (2) من تقدم عنه، وتبعه السيد الطباطبائي في حاشيته (3) على المتن، وفي بعض كلماته في كتاب (4) القضاء - احتمال لا يعتنى به كما أوضحناه في كتاب (5) القضاء.
وإجماله: أن باب التداعي هو ما كان قول كل منهما مطابقا للأصل أو مخالفا، وأما إذا كان قول أحدهما مطابقا للأصل دون الآخر فهو باب المدعي والمنكر، وكيفية تحرير الدعوى لا أثر لها، بل المدار على الغرض منها على وجه يرجع إلى أثر عقلائي كتأثير الفسخ، أو اشتغال ذمة الآخر، أو نحو ذلك، لا إلى مجرد إثبات أن العقد صلح بلا عوض، أو هبة غير معوضة، وإلا لا تسمع هذه الدعوى رأسا، فإنها كدعوى أن بر أفريقيا كذا مساحة.
ثم لا يخفى أن النزاع تارة في اللزوم والجواز، وأخرى في الضمان وعدمه.
ففي الأول المنكر هو مدعي اللزوم، وفي الثاني المنكر هو مدعي الضمان على المشهور والمختار خلافا لمن تمسك بأصالة البراءة، وذلك لأن مقتضى قاعدة (اليد) مع أصالة عدم إقدام مالكه الأصلي على المجانية هو الضمان، فإن موضوع الحكم مركب من عرضين لمحلين، وهو اليد على ملك الغير المحرز بالوجدان مع عدم إقدام مالكه على التبرع المحرز بالأصل، فإذا تم الموضوع يترتب عليه الحكم وهو الضمان.