وأما الثاني: ففيه أولا: على فرض الاختلاف في حقيقة الملك، وأن الملك اللازم مباين للجائز فلا مانع من إجراء الاستصحاب في المقام ولو كان المستصحب مرددا بين مقطوع الارتفاع ومشكوك الحدوث، لأن تردد المستصحب بين الأمرين صار منشأ للشك في كون الحادث باقيا أو مرتفعا.
وما يتوهم (1) من عدم جريان الاستصحاب في هذا القسم - الذي جعله المصنف قدس سره في أصوله (2) قسما ثانيا من استصحاب الكلي بالتقريب الذي بينه قدس سره رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم ( فيه واختاره السيد الطباطبائي في حاشيته (3) على المتن - مندفع جدا، لأن حاصل الإشكال أحد الأمرين:
أحدهما: أن الشك في بقاء القدر المشترك مسبب عن الشك في حدوث ذلك المشكوك الذي لو كان هو الحادث لكان القدر المشترك باقيا، فإذا حكم بأصالة عدم حدوثه فيلزمه ارتفاع القدر المشترك.
وثانيهما: أن وجود الكلي بوجود فرده، وعدمه بعدمه فالكلي لو كان في ضمن الحصة الزائلة فهو مقطوع الزوال، وكونه في ضمن الحصة الأخرى مشكوك من أول الأمر، وكلاهما مندفعان.
أما الأول: فلأن الشك في بقاء الكلي وارتفاعه ليس مسببا عن الشك في حدوث ذلك المشكوك الحدوث، بل من لوازم كون الحادث ذلك الفرد الذي ارتفع يقينا، أو الذي بقي يقينا، ولا أصل يعين أن الحادث ما هو.
مثلا: لو شك في أن الحادث هو المني أو البول فبعد الوضوء إذا شك في بقاء الحدث لا يترتب على أصالة عدم حدوث المني ارتفاع الحدث إلا بضميمة القطع بارتفاع الحدث في ضمن البول. هذا، مضافا إلى معارضته بأصالة عدم حدوث البول.