شبهات وتفصيات بقيت بعض شبهات تنتهي إلى تمامية جريان القاعدة بذهاب أثر العلم، فنشير إليها إجمالا:
الشبهة الأولى: فرق بين صورتي تقدم العلم، وتأخره عن الاطلاع على المحرمات التي لا تقصر عن المعلوم بالإجمال، فإن تنجزت الواقعيات بالعلم، فلا يستند التنجز بعد ذلك لتلك الطرق، لسبق المنجز، فيكون أثر العلم بعد الاطلاع باقيا، للوجه المذكور.
وأما إذا تنجزت الواقعيات بالطرق، ثم توجه المكلف إلى العلم، فلا يؤثر العلم في تنجيز شئ، لأن الواقعيات قد تنجزت بها، والمتنجز لا يتنجز ثانيا، ولا يعقل توارد المنجزين الفعليين على شئ واحد، فبالنسبة إلى المقدار الزائد والأكثر لا يكون البيان تاما، فتجري القاعدة.
مثلا: إذا علم بحرمة خمسة مياه بين العشرين، وقام خبر الثقة الحجة على حرمة خمسة منها قبل العلم بتلك الحرمة، لا يؤثر العلم في تنجيز الخمسة، فضلا عن الزائد، لسبق المنجز المحتمل كون المعلوم منطبقا عليه واقعا، فتجري البراءة بالنسبة إلى الزائد.
وفيه أولا: يلزم التفصيل، والأصوليون غير ملتزمين به.
وثانيا: نمنع فيما نحن فيه تقدم الطرق على ذلك العلم، ضرورة أن العامي غير ملتفت إلى المنجزين، والمجتهد العارف يحصل له العلم قبل تلك الطرق نوعا وعادة.
وثالثا: احتمال خطأ الطرق، يورث لزوم الاحتياط بالنسبة إلى المقدار المعلوم، ضرورة أن ما هو المنجز بالعلم هي الخمسة، فيستحق العقوبة بحسب الواقع عليها، فإن علم بإصابة الطرق فلا بأس، وإذا احتمل خطأ الطرق - كما هو