الخمسة الواقعية، يشك في التجنب عن تلك الخمسة الواقعية، التي يستحق بحسب العلم العقوبة على فعلها، فلا تجوز البراءة ولا تجري، لأن العقاب على تلك الخمسة عقاب مع البيان، ضرورة أن من الممكن خطأ الطرق، وعدم الإصابة إما مطلقا، أو بالنسبة إلى بعض منها. وقد عرفت: أن حديث جعل الطريق وحجية الأمارات، ليس إلا ما لدى العقلاء بالنسبة إلى قوانينهم ودساتيرهم، وليس في الشريعة أمر بديع وطريق جديد (1)، وقد مر آنفا محتملاتها، فلا تغفل.
إن قلت: إن من المحتمل قويا بل من المعلوم، إصابة عدة من الطرق القائمة على حرمة طائفة من الأشياء، وخطأ أقل القليل منها، فيكون الزائد - على تقدير بقاء واحد من الخمسة أو اثنين - من قبيل القليل في الكثير، فيسقط العلم الاجمالي عن التنجيز، ولو كان الاختلاط موجبا لكونه من القليل في الكثير بعد العلم الاجمالي.
مثلا: لو علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين، ثم اختلطا مع المائة، لا يبقى الأثر، كما لو علم من الأول بنجاسة واحد في المائة، فعلى هذا تجري البراءة، ولا يتم البيان بالنسبة إلى القاعدة العقلية.
قلت أولا: نمنع الصغرى، لما لا وجه لدعوى أكثرية الإصابة.
وثانيا: لنا أن نمنع كون المقدار المحتمل الباقي، قليلا في الكثير، بعد احتمال عدم انطباق المقدار القائم عليه الطريق بمقدار المعلوم بالإجمال، ضرورة أن التساوي مما لا يكاد يدعى، والمدعي له مكابر جدا، وإنما يوجب الانحلال - عند القائل به - أن المقدار الزائد من المعلوم بالإجمال على المقدار القائم عليه الطريق، يكون من القليل في الكثير غير المانع عندهم من جريان البراءة، فافهم واغتنم.
وثالثا: قد تحرر منا في محله: أن قضية القليل في الكثير - حسب القواعد -