واحد مع مقتضى الكثير في الكثير، وتفصيله في محله (1).
فإلى الآن تبين: أن مقتضى العلم الاجمالي المذكور، تنجيز المحرمات الواقعية، وبقاء أثرها، ولو انتفت القضية الحقيقية من الانفصال والترديد إلى المتيقنات والمشكوكات، وكان الانحلال حقيقيا.
نعم، ما نسب إلى الأخباريين: من أن وجه الاحتياط حكم العقل بأن الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية (2)، ممنوع، لأن ذلك في موارد العلم بالاشتغال بالخاص، والشك في سقوطه، وأما فيما نحن فيه فكل واحد من المحرمات المخصوصة مشكوك الثبوت، ويكون من الشك في الثبوت، لا السقوط.
والعلم الاجمالي بالمقدار الكلي يوجب الاحتياط، ولكنه على التقريب المذكور، لا لأجل القاعدة المشار إليها، فلا تخلط. مع أن لنا في تلك القاعدة، مناقشة أشرنا إليها في بعض المقامات (3).
فتحصل من جميع ما مر: أن العلم الاجمالي باستحقاق العقوبة على طائفة من الإلزاميات التحريمية، يوجب الاستحقاق واقعا ولو انتفى العلم، ولا مخلص عنه بمجرد قيام الطرق على حرمة طائفة بمقدار المعلوم بالإجمال، بعد احتمال خطأ الطريق تكوينا. ومجرد تعبد الشرع بإلغاء الاحتمال بالنسبة إلى المحرم المعلوم بالتفصيل، لا يورث زوال استحقاق العقوبة على تلك الطائفة، كما لا يكفي مجرد احتمال الانطباق لو فرضنا إمكانه، فلا بد من الاجتناب عن الخمسمائة محرم المعلومة بالإجمال مثلا، وهذا مما لا يمكن إلا بالاجتناب عن الكل، لما لا لون لتلك العدة.