وأما منعهم جريانه بالقياس إلى سائر الأصناف غير المبتلين بهذه العناوين والذين هم غير معنونين بعناوينه، كما إذا اكره على إتلاف مال الغير فأتلف، أو اضطر إلى إصلاح بيته المنتهي إلى تلف مال الغير، فهو أيضا لأجل توهمهم: أن الحديث الشريف فيه الامتنان على الأمة، ولا امتنان في هذا الرفع (1).
وهذا التعليل فاسد بالضرورة، فإن الامتنان مراعى بالقياس إلى المعنونين بتلك العناوين، فمن اضطر إلى إصلاح داره، يكون في رفع التصرف المنتهي إلى فساد دار جاره، امتنان عليه، وأما جاره فهو ليس مندرجا في هذه العناوين، فالمنة ولو كانت معتبرة فهي بالقياس إليهم، دون غيرهم. هذا أولا.
وثانيا: لو لم يكن جاريا للزم ممنوعيته من التصرف مطلقا، ويكون هو حراما عليه، مع أن الضرورة تقضي بجوازه تكليفا، ولو كان يجب عليه جبران خسارة الجار.
وثالثا: قد عرفت أن المناط رفع الأشياء المذكورة بالنظر إلى الضيق، لا بالنظر إلى الامتنان، وكانت تكفي السعة لجريانه، وهذا بلا إشكال سعة.
وبعبارة أخرى: التصرف مع الجبران سعة على المضطر، وليس ضيقا على الجار وإن لم يكن منة عليه أيضا، فإنه لا تعتبر المنة، كما عرفت.
فبالجملة إنكار جريانه بالنسبة إلى الأحكام الوضعية، ولو كان ممكنا بالنسبة لما يمكن الالتزام بتبعاته، ولكن مجرد الإمكان غير كاف بعد الإطلاق المزبور، ولا سيما بالنسبة إلى الكفارات، وخصوصا بعد تمسكه (عليه السلام) في الرواية التي مرت في مسألة الحلف على الطلاق استكراها، بناء على كونها تامة سندا ودلالة، وقد مر