لا يعلمون ".
أقول: هذا الجواب وإن كان لا بأس به في الجملة، إلا أن الالتزام به مشكل في بعض الفروض، مثلا لو اضطر إلى أكل مال الغير، واستمر اضطراره في برهة من الزمان، وكان متمكنا من الجبران، وطلب المالك جبران خسارته، فإن رفع وجوب الجبران بحديث الرفع، مما لا يلتزم به الأصحاب.
وهكذا بالنسبة إلى النجاسة في الاستكراه على أكل النجس، مع دوام الاستكراه مثلا لو اكره على أكل النجس، أو اضطر إليه، ولا يكون مضطرا إلى شرب الماء في أثناء الإكراه والاضطرار، فإن قضية نجاسة فمه، حرمة شرب الماء قبل التطهير، ومقتضى البيان المذكور جوازه، لارتفاع حرمة شرب النجس ما دام الإكراه والاضطرار باقيا، مع أن الالتزام به مشكل جدا.
نعم، في مثل رفع الضمان يمكن الالتزام بأن الضمان بما هو هو، ليس مرفوعا، لما لا سعة في رفعه، بل السعة في رفع وجوب الجبران.
والإشكال المذكور يندفع، لأجل أن الإكراه على إتلاف أموال زيد، ينحل إلى الإكراهات، فإذا أتلف مثلا مواشيه يرتفع الإكراه بالنسبة إليه، ويجب الجبران، وأما بالنسبة إلى سائر الأموال، فلا إتلاف بعد حتى يضمن، فإذا أتلف غلاته فهكذا، فإكراه السلطان عمرا على إتلاف أموال زيد، ينحل إلى الإكراهات، فلا يتوجه الإشكال المذكور إلى مسألتنا هذه.
وما في كلام العلامة النائيني (رحمه الله): " من أن حديث الرفع لا يشمل رفع النجاسة والجنابة، لأنهما من الأمور الواقعية المنكشفة بكشف الشرع، فلا تناله يد الوضع، ولا الرفع " (1) لا يفيد هنا، مع أنه غير تام، كما تحرر في محله (2).