الترخيص، ومن البعث المقرون بالترخيص (1)، وأما إرادة البعث إلى شئ أو الزجر عن الشئ، فهي وإن كانت تختلف شدة وضعفا حسب مراتب المبادئ والمحبوبية والمبغوضية، إلا أن في ناحيته تعالى وتقدس، لا يكون الرفع إلا قرينة على عدم وجود الشديدة منها في مورد حديث الرفع، وفي مواضع انطباق عناوينه من الأول.
فالحق الذي لا محيص عنه عند العرف والعقلاء - لولا الأدلة الخاصة الناهضة في الفقه في موارد معينة -: هو أن حديث الرفع قرينة على أن في موارد عدم الطاقة، لا يكون الفعل فيها تشريعا، وفي موارد الاستكراه لا يكون البيع الانشائي ساقطا عن القابلية للحوق الإجازة، وفي موارد " رفع... ما لا يعلمون " يكون محل للإتيان الرجائي، فإن المرفوع هو الإلزام، دون أصل المطلوبية والرجحان.
وتوهم: أن إطلاق الرفع المستند إلى الموصولات مثلا، يقتضي ارتفاع الكل بعد كون الامتنان حكمة التشريع، مندفع، بأن الحكمة تصلح لصرفه إلى ما ذكرناه بعد شهادة العرف القطعية بذلك، فلا تخلط.
وأما توهم: أن حديث الرفع لو كان قرينة على عدم الوضع من الأول على وجه الكلفة، فلا رفع، فقد مر ما فيه، فإن إمكان الالتزام بالتكليف الواقعي في موارده، كاف لذلك (2).
تكملة: لنا أن نقول: إن كون حديث الرفع في مقام الامتنان ممنوع، لما لا دليل عليه لفظا، فاستظهار شئ من لفظة " الامتنان " في مورد الرفع، غير جائز، والذي هو القدر المسلم أن حديث الرفع جئ به للتوسعة على هذه الطوائف، سواء كان في تلك السعة امتنان ومنة عرفا وصدقا، أم لم يكن.