أن خصوصية كل واحد من أفراد الموضوع، مصب الوجوب على التخيير، فلا يتم في هذه الصورة وجه البراءة السابق (1)، لأن خصوصية كل واحد من المكلفين، مصب الخطاب العام القانوني عقلا وعرفا، فالحجة تامة، ولا بد من الجواب، وسقوط التكليف بإتيان واحد منهم غير محرز.
وبالجملة: لا بد من صحة الاعتذار بعد تمامية الحجة، سواء كانت على العيني، أو الكفائي، وقد مر وجه الإشكال بما لا مزيد عليه.
وأما على الوجه الثالث: وهو أن الفرق بين الوجوب العيني والكفائي، غير موجود في مرحلة الجعل والحكم، وإنما الفرق بينهما في مرحلة السقوط والامتثال، وأن انتفاء الحكم في الوجوب العيني، يمكن بفعل الآخر، وذلك لما مر تفصيله.
وهذا هو الموجود في الشريعة، ضرورة أن صلاة الولي، واجبة على الأولى بالإرث وجوبا عينيا، وأداء الدين واجب على المديون بعد الطلب وجوبا عينيا، ولكنه مع ذلك يسقط بفعل الآخرين، فيكفي في اعتبار الوجوب العيني، استحقاق الكل للعقاب في صورة تركهم.
وهذا هو مناط الوجوب العيني الحاصل في الوجوب الكفائي، وإنما الفرق بين المثالين والوجوب الكفائي: أن في صورة ترك الكل يستحق الولي والمديون فقط، وفي هذه الصورة يستحق الكل العقوبة، ولأجل ما أشير إليه قسمنا الوجوب العيني إلى العيني المباشري، كصلاة الصبح، والأعم منه ومن التسبيبي، كصلاة الولي عن أبيه، فراجع المجلد الأول (2).
ففيما يدور الأمر بين الوجوب العيني والكفائي، يرجع البحث إلى سقوط الوجوب المعلوم عينا بفعل الغير، فلا بد من الاحتياط بالضرورة، لأن التكليف