وقيل: بعدم الاجزاء (1) وهذا التعبير غير جائز في الواجب التخييري، كما هو المعلوم، وتكون النتيجة في موارد الشك - بعد إحراز كونها واجبا بالعرض - هو الاشتغال، لأنه يشبه الشك في المحصل والمحصل.
وعلى هذا، إذا شك في شئ أنه واجب أولي، أو ثانوي، أو بتعبير آخر: أنه واجب بالذات، أم بالعرض، كما هو كذلك على احتمالنا في صلاة الجمعة، وهو ظاهرهم في مثل الغسل والتيمم بالنسبة إلى الوضوء، وغير ذلك، كالقنوت في الركعة الأولى تبعا للإمام بالنسبة إليه في الركعة الثانية، فإنه ربما يستظهر من دليله أنه يجزئ عن القنوت المشروع أولا في الركعة الثانية، وهكذا في إجزاء قراءة الإمام عن قراءة المأموم، بناء على كونه من صغريات هذه المسألة، وغير ذلك مما يطلع عليه الفقيه، فإنه هل تجري البراءة نظرا إلى الشك في الأقل والأكثر وإلى القيد الزائد؟ فلو شك في صلاة الجمعة، أنه هل تجب فيها سورة الجمعة، أم يكفي مطلق السورة، تجري البراءة، أم يحتاط، لرجوع الشك فيه إلى الشك في سقوط الأمر النفسي المعلوم المتعلق بصلاة الظهر، فلا بد من البراءة اليقينية، فلا تجري البراءة العقلية قطعا، وأما الشرعية فهي تكون من المثبت، لما لا تدل إلا على نفي جزئية السورة الخاصة ونفي اعتبار السورة الخاصة، وأما كونه كافيا فلا يكون من حدود دلالتها.
اللهم إلا أن يقال: بأن في هذه الأمثلة وهذه المسألة، تجري البراءة، لأن تحديد حدود الواجب الثاني وبالعرض بيد الشرع، ولا سبيل للعقل إليه، فلا تجوز العقوبة على ترك الواجب الذاتي من جهة الإخلال بهذه الجهة في الواجب الغيري، وهكذا في سائر الأمثلة التي تكون بيد الشرع حدودها.
أو يقال عليه: إن للشرع الاتكال على حكم العقل بالاحتياط في هذه