وغير خفي: أن ما نذكر من الأمر الغيري مجرد فرض، وإلا فلا أساس للوجوب الغيري، إلا أن مسألتنا هذه أعم من التعيين والتخيير العقلي، أو الشرعي.
فإذا كانت القراءة حال التعذر، باقية على الجزئية حسب القانون العام، فيدور أمره بين التعيين على المسلك المشهور - وهو الإتيان بالصلاة جماعة (1) - وبين التخيير على مسلكنا: من أن في الجماعة ليست للقراءة جزئية، وإذا شك في ذلك يدور أمره بينهما، فلا بد من الاحتياط طبعا، لأن العلم بالجزئية يوجب القطع بالفراغ منها، وهو لا يحصل إلا بانقلاب حاله من الفرادى إلى الجماعة حتى يعلم بعدم الجزئية، فلاحظ وتدبر جيدا.
بقي وجه آخر للبراءة: وهو أن مقتضى ما احتملناه وقربناه، عدم اختصاص حديث " رفع... ما لا يطيقون " (2) بما لا يطاق عرفا، المقدور عقلا، وتفصيله في محله (3).
فما هو المعجوز عنه عقلا مرفوع شرعا، ولا سيما ذلك بالقياس إلى المسلك المذكور: من فعلية الجزئية حال التعذر، فعندئذ ترتفع الجزئية هنا، كما ترتفع حال الجهالة والسهو والخطأ والنسيان، فإذا شك في هذه المسألة، يرجع إلى حديث رفع الجزئية كما مر (4)، وتصير النتيجة في حال الدوران البراءة، لأن أصالة البراءة عن وجوب السورة، مقدمة على مقتضى الأمر المعلوم المتعلق بالصلاة، وإذا أتى بها منفردا يعلم بالفراغ بضميمة الأصل المذكور، وقد خرجنا عن طور المسألة، فليعذرني الإخوان.