بسبب ترتب أحدهما على عصيان الاخر لا تنافي بين اقتضائهما، ولا مطاردة بينهما فلا منافاة بين منافاة المتعلقين ذاتا أو عرضا، وعدم المنافاة بين الأمرين اقتضاء.
وما قيل في تقريب عدم المطاردة بين الأمرين المترتبين وجوه ثلاثة.
أحدها: أن اقتضاء كل أمر لإطاعة نفسه في رتبة سابقة على إطاعة، كيف و هي مرتبة تأثيره وأثره، ومن البديهي أن كل علة منعزلة في مرتبة أثره عن التأثير بل تمام اقتضائه لأثره في مرتبة ذاته المقدمة على تأثيره وأثره ولازم ذلك كون عصيانه، وهو نقيض إطاعته أيضا في مرتبة متأخرة عن الأمر واقتضائه، وعليه فإذا أنيط أمر بعصيان مثل هذا الأمر فلا شبهة أن هذه الإناطة تخرج الأمرين عن المزاحمة في التأثير إذ في رتبة الأمر بالأهم وتأثيره في صرف القدرة نحوه لا وجود للأمر بالمهم وفي رتبة وجود الأمر بالمهم لا يكون اقتضاء للأمر بالأهم فلا مطاردة بين الأمرين بل كل يؤثر في رتبة نفسه على وجه لا يوجب تحيز المكلف في امتثال كل منهما، ولا يقتضي كل من الأمرين إلقاء المكلف فيما لا يطاق بل كل يقتضي موضوعا لا يقتضي غيره خلافه هذا ملخص ما أفيد وهو غير سديد بل غير مفيد (1).
أما أولا: فلان الفعل والترك الخارجين الذين ينتزع عنهما الإطاعة و العصيان بنحو من الاعتبار ليسا موردا للأمر حتى يتوهم إطلاقه أو تقييده ليدفع بأنهما إما معلول الأمر أو في رتبته لا يمكن تقييده بهما، أو إطلاقه لهما بل مورد الأمر نفس الفعل بوجوده العنواني الفاني في معنونه فإنه القابل لأن يكون مقوما للإرادة وللبعث الاعتباري الانتزاعي، وذات الفعل مقوم الطلب والبعث لا معلولهما، وتعلق الأمر واقتضائه بديهي، ومقوم الشئ ليس متأخرا عنه بل له سبق رتبي طبعي عليه، وعنوان الإطاعة والمعصية بمعنى موافقة المأتي به