التحقيق عندهم من أن موافقة الأمر والنهي المقدميتين لا يوجب قربا ولا بعدا، ولا يقتضي ثوابا ولا عقابا فغاية ما يقتضيه طلب الترك المقدمي عدم طلب الفعل وأجبنا عنه هناك بأن المتقرب به وإن لم يكن في نفسه مبعدا لكنه مقدمة للمبعد، ولا يمكن التقرب بما يكون مقدمة للمبعد كما لا يمكن التقرب بالمبعد إلا أنه مع ذلك لا يدفع المحذور هنا لان الفعل العبادي وإن كان مبغوضا بالعرض لمحبوبية تركه المقدمي لكن الفعل ليس مقدمة لمبغوض مبعد حتى لا يمكن التقرب بمقدمة المبعد إذ لا يقول أحد بمقدمية فعل لترك ضده للزوم الدور.
نعم الفعل العبادي مبغوض عرضي ملازم لمبغوض عرضي، وهو ترك الأهم وهو لا يمنع عن التقرب جزما، وإلا لكان البحث عن المقدمية لغوا محضا لأن الملازمة المسلمة كافية في فساد العبادة إذ المؤثر في فسادها حينئذ ملازمتها للمبغوض فلا يصح التقرب بها لا كونها مبغوضا عرضيا، وربما يتخيل صحة العبادة مع مبغوضية ما هو نقيض الترك المقدمي من وجه آخر، وسيجيئ الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
قوله: بنحو الشرط المتأخر أو البناء على معصية الخ: ظاهره قده أن شرطية نفس العصيان لا يكون إلا بنحو الشرط المتأخر دون المتقدم، والمقارن بخلاف شرطية البناء والعزم على العصيان فإنه يمكن أن يكون بنحو الشرط المتقدم والمقارن، والوجه في عدم إمكان شرطية العصيان (1) بنحو الشرط