إنشائاتها بلحاظ كشفها عن ثبوتها لا بلحاظ نفس وجوداتها الانشائية فان إيجاد المفهوم بوجوده الجعلي العرضي اللفظي مع قطع النظر عن كشفه عما هو استفهام أو تمن وترج بالحمل الشايع لا يترتب عليه إظهار المحبة وغيرها من الأغراض فالأنصاف أن كيفية الاستعمال والدلالة على الجد في ما وقع في كلامه تعالى على حد ما في كلام غيره إلا أنه فيه تعالى لاظهار المحبة مثلا فهو يظهر المحبة والاستيناس باظهاره الاستفهام الحقيقي بقوله تعالى * (وما تلك بيمينك يا موسى (1)) * كما أنه تعالى يشجعه عليه السلام على دعوة فرعون باظهاره الترجي الحقيقي بقوله تعالى * (لعله يتذكر أو يخشى (2)) * فافهم.
" صيغة الأمر حقيقة في الوجوب " قوله: في أن الصيغة حقيقة في الوجوب الخ: المراد بالوجوب كون الفعل مبعوثا إليه بالبعث الناشئ عن إرادة حقية والفرق بينه وبين الإيجاب بنحو من الاعتبار فان البعث الصادر عن إرادة حتمية له جهتان من الانتساب جهة انتساب إلى الباعث لقيامه به قياما صدوريا، وهو قيام الفعل بفاعله وجهة انتساب إلى المادة لقيامه بها قيام حلول، وهو الصفة بالموصوف، فهذا البعث الوحداني الواقع بين الباعث والمبعوث إليه بالملاحظة هاتين النسبتين إيجاب ووجوب كالايجاد والوجود، وأما المصلحة القائمة بالمادة الموجبة لتعلق البعث بها فهي من الدواعي الباعثة على إرادتها والبعث نحوها لا أنها عين وجوبها كما لا يخفى.