فان قلت: الخصوصية المدعاة خصوصية السبق واللحوق الحرفيين، والسبق واللحوق غير منحصرين في الزماني، بل السبق بالزمان وبالطبع بالذات وغيرها فان أسند الماضي والمضارع إلى الزماني كان زمانية ما أسند إليه، دلالة على أن السبق واللحوق الملحوظين في الهيئة زمانيان، وإن أسند إلى الزمان كان السبق واللحوق ذاتيين وهكذا.
قلت: لا ارتباط لما عدا السبق الزماني بمداليل الأفعال ضرورة أن السبق بالعلية وبالطبع وبالرتبة وبالشرف وبالماهية جميعا أجنبي عن مداليلها، كما هو بديهي، والسبق بالذات هو الجامع بين السبق بالعلية، والسبق بالطبع الذي هو سبق العلة الناقصة على معلولها، والسبق بالماهية الذي هو تقدم علل القوام على المعلول في جوهر ذاته وعدم ارتباطه بمداليل الأفعال حتى المسندة إلى نفس الزماني واضح فاتضح إن أخذ مطلق السبق واللحوق، مع أن ما عدا الزماني الأجنبي عن مدلول الفعل لغو صرف، ودعوى خصوصية أخرى غير السبق واللحوق إحالة إلى المجهول.
فالتحقيق أن ملاك الفعلية ومناطها صحة السكوت وتمامية النسبة فلابد من التماس دليل أخر على مأخوذية الزمان في الفعل، والقدر الذي لا مناص عنه بشهادة العرف والعادة هيئة الماضي والمضارع، لما عرفت من غلطية " زيد ضرب غدا ويضرب أمس " فلابد من أخذ السبق واللحوق الزمانيين بالمعنى المذكور سابقا بهما، وقد عرفت بحمد الله تعالى الدفاع ما أورد على ذلك فافهم جيدا.
قوله: ويؤيده أن المضارع يكون مشتركا الخ: توضيحه: أن المضارع عندهم مشترك بين الحال والاستقبال فأن أريد الاشتراك اللفظي كان قولنا " زيد يضرب " حالا و " غدا " استعمالا في أكثر من معنى وهو غير معقول، وعلى المشهور غير صحيح مع أن المثال المزبور لا شبهة في صحته، وإن أريد لاشتراك المعنوي فلا جامع بين الحال والاستقبال إلا غير الماضي، وإدراج هذا المفهوم