يرجع ما في الفصول لا إلى فرض الثبوت وفرض العدم (1)، لكان ذلك من مفاسد الالتزام بتركب المشتق إذ المفروض أن قضية [الانسان كاتب] مادتها الامكان وتركب [الكاتب من الانسان] ونسبة الكتابة التي هي متكيفة واقعا بالامكان، يقتضى أن يكون مادتها الضرورة واقعا ضرورة بشرط المحمول حيث إن الجهة إذا صارت جزء المطلوب والمحمول كانت جهة القضية منحصرة في الضرورة إثباتا أو نفيا، والفرق بين ما نحن فيه وبين ما ذكره أهل الميزان في الضرورة بشرط المحمول أن العبرة عندهم في القضايا الموجهة بالجهة، والجهة غير المادة، لكن المحذور الحقيقي لا يدور مدار إنقلاب جهة إلى جهة بل انقلاب مادة إلى مادة كذلك كما لا يخفى.
وما ذكره في الفصول من المثالين ليس مثالا للشرطيتين الواقعتين في كلامه إذ الشرطية الثانية مقتضاها صدق السلب بالضرورة والمثال عدم الصدق بالضرورة، وظني أن مثاله الأول ناظر إلى البساطة وعدم اقتضائها الانقلاب والمثال ناظر إلى التركب واقتضائه الانقلاب لصيرورة المحمول من حيث تركبه ذا مادة، والمراد من الشرطيتين موافقة الجهة لمادة القضية واقعا كالمثال المزبور وعدمها كما إذا قيل [الانسان انسان له النطق بالامكان] فان الجهة غير موافقة لمادة القضية فيصدق السلب بالضرورة فيقال ليس الانسان بالضرورة إنسانا له النطق بالامكان فالمراد من التقيد بالوصف واقعا وعدمه (2) هذا المعنى دون الثبوت وعدمه.