بالمسموعات والمبصرات.
وتحقيق هذا المرام يستدعى طورا آخر من الكلام ربما لا يسعه بعض الأفهام، ولا بأس بالإشارة إلى نبذة مما يتعلق بالمقام فنقول وبالله الاعتصام لا ريب عند أهل النظر أن مفاهيم الصفات حسبما يقتضيه طبعها متفاوتة مخالفة لا متوافقة مترادفة وإن كان مطابقها واحدا بالذات من جميع الجهات فكما أن مفهوم العلم غير مفهوم الذات، وساير الصفات وإن كان مطابق مفهوم العلم والعالم ذاته بذاته حيث أن حضور ذاته لذاته بوجدان ذاته لذاته، وعدم غيبة ذاته عن ذاته، كذلك ينبغي أن يكون مفهوم الإرادة بناء على كونها من صفات الذات كمفهوم العلم مبائنا مع الذات، ومفهوم العلم لا أن لفظ الإرادة معناه العلم بالصلاح فان الرجوع الواجب هو الرجوع في المصداق لا رجوع مفهوم إلى مفهوم، ومن البين أن مفهوم الإرادة كما هو مختار الأكابر من المحققين هو الابتهاج والرضا وما يقاربهما مفهوما ويعبر عنه بالشوق الأكيد فينا، والسر في التعبير عنها بالشوق فينا وبصرف الابتهاج والرضا فيه تعالى، إنا لمكان إمكاننا ناقصون غير تامين في الفاعلية، وفاعليتنا لكل شئ بالقوة فذا نحتاج في الخروج من القوة إلى الفعل إلى أمور زائدة على ذواتنا من تصور الفعل والتصديق بفائدته، والشوق الأكيد المميلة جميعا للقوة الفاعلة المحركة للعضلات بخلاف الواجب تعالى، فإنه لتقدسه عن شوائب الامكان، وجهات القوة، والنقصان فاعل وجاعل بنفس ذاته العليمة المريدة وحيث أنه صرف الوجود، وصرف الوجود صرف الخير فهو مبتهج بذاته أتم ابتهاج، وذاته مرضى لذاته ثم الرضا، وينبعث من هذا الابتهاج الذاتي، وهي الإرادة الذاتية ابتهاج في مرحلة الفعل فان من أحب شيئا أحب آثاره، وهذه المحبة الفعلية هي الإرادة في مرحلة الفعل، وهي التي وردت الأخبار عن الأئمة الأطهار سلام الله عليهم بحدوثها لوضوح أن المراد هي الإرادة التي هي غير المراد دون الإرادة الأزلية التي هي عين المراد، حيث لا مراد في مرتبة ذاته إلا ذاته كمالا معلوم في مرتبة ذاته إلا ذاته، والوجه