نهاية الدراية في شرح الكفاية - الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهانى - ج ١ - الصفحة ٢٥٥
امتثال كل أمر على إسقاط نفس الغرض الباعث عليه لا شئ آخر، ولا يتوقف الامتثال، ولا اتصاف المقدمة بالمقدمية على تعقبها بذيها عنده قده، وعند المشهور كما سيجيئ انشاء الله تعالى. وما يرى من الوجوب إتيان الماء ثانيا لو أريق الماء لا دلالة له على شئ لأن الغرض تمكن المولى من شربه وقد انقلب إلى نقيضه فيجب عليه إحضاره ثانيا لعين ما أوجبه أولا، لا لأن ملاك الامتثال لاستيفاء المولى غرضه منه نعم هو ملازم له أحيانا، وسيجيئ انشاء الله تعالى تتمة الكلام في مبحث الأجزاء قوله: ضرورة أن تركهما لو كان مستتبعا للغضب والشر الخ: لا يخفى عليك (1) أن الوقوع في ما يقابل المغفرة والخبر أعني الغضب والشر لازم ترك تحصيل المغفرة والخير رأسا لا ترك المسارعة والاستباق إليهما، ولو بناء على وجوبهما كما هو قضية المقابلة بين الغضب والمغفرة، وبين الخيرات و الشرور فدلالة الآيتين على وجوب المسارعة والاستباق، غير موقوفة على اقتضاء تركها للغضب والشر المقابلين للمغفرة والخير حتى يقال بأن الأنسب حينئذ البعث بالتحذير عنهما إلا بالأولوية لأن الأمر بتحصيل المغفرة والخبر لو لم يكن ظاهرا في الوجوب حيث أن الأنسب له التحذير عن تركها المستتبع للغضب والشر فالأمر بالمسارعة والاستباق إلى مثل هذين الأمرين أولى بعدم

1 - توضيحه أن الاستباق والمسارعة تارة يكون قيدا مقوما لمصلحة المغفرة والخير وأخرى يكون واجدا لمصلحة أخرى كما أن الوقت بالإضافة إلى الموقت كذلك فان كان من قبيل الأول فترك المسارعة والاستباق يوجب الوقوع في الغضب والشر وإن كان من قبيل الثاني فلا والوجه فيهما واضح ومبني إيراد المصنف - قدس سره - على الأول ومبنى الاعتراض عليه هو الثاني والغرض أنه مع إمكان أن يكون المسارعة والاستباق على النحو الثاني فلا يلزم تركهما الوقوع في الغضب والشر ولو مع وجوبهما بل الظاهر أنه من قبيل الثاني فان المسارعة والاستباق نسبا إلى المغفرة والخير فهما غير المغفرة والخير لا أنهما مقومان له وأما أصل الاستدلال فمندفع بما في الحاشية في قولنا والأولى أن يقال (الخ) فتدبر (منه).
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست