قوله: اختلفوا في أن المشتق حقيقة في خصوص ما تلبس في المبدء في الحال الخ: ينبغي التنبيه على امر، وهو أن النزاع هنا في الوضع والاستعمال أو في صحة الإطلاق وعدمها، مع التسالم على المفهوم والمعنى، الظاهر هو الأول كما تفصح عنه كلمات القوم من قديم الزمان إلى اليوم، فان الحقيقة والمجاز المذكورين في عنوان النزاع من شؤون الاستعمال، ولا ربط لهما بالصدق والاطلاق، ويشهد له استدلال العلامة قده في التهذيب وغيره في غيره للقول بالأعم، بان معنى الضارب (من حصل منه الضرب) فيعم من انقضى عنه المبدء إلى غير ذلك من الشواهد، وأما ما تكرر في كلماتهم في عنوان البحث من اشتراط بقاء المبدء في صدق المشتق وإطلاقه فلا ينافي ذلك، فان الصدق بلا عناية وعدمه حيث كانا دالين على الخصوصية وعدمها، فلذا عنونوا النزاع بذلك مضافا إلى أنه لولا الاختلاف في المفهوم والمعنى فما وجه هذا الخلاف العظيم في هذه السنين المتمادية.
وصريح بعض المدققين من المعاصرين (1) هو الثاني بدعوى أن وجه الخلاف مع عدم الاختلاف في المفهوم والمعنى هو الاختلاف في الحمل، فان القائل بعدم صحة الاطلاق على ما انقضى عنه المبدء يرى وحدة سنخ الحمل في المشتقات والجوامد، فكما لا يصح إطلاق الماء على الهواء بعد ما كان ماء، وزالت عنه صورة المائية فانقلبت هواء، كذلك لا يصح إطلاق المشتق على ما زال عنه المبدء يعد تلبسه به، فان المعين الانتزاعي تابع لمنشأ انتزاعه حدوثا وبقاء، والمنشأ مفقود بعد الانقضاء والانتزاع بدونه على حد المعلول بلا علة، والقائل بصحة الاطلاق يدعى تفاوت الحملين، فان الحمل في الجوامد حمل هو