بصدوره عن علم وقدرة وإرادة، وأما الإرادة فاختياريتها بصدورها عن علم وقدرة فقط فهو جزاف بين.
" تنبيه وتنزيه " الجبري زعم أن نفى الاختيار عن العباد واستناد الأفعال إليه تعالى نوع تمجيد وتعظيم له حيث لا مؤثر في الوجود إلا الله وإن عاده الله جرت على إيجاد ما يسمى بالمسببات بعد ما يسمى بالأسباب، ولكنه غفل عن أنه ظلم عظيم في حق عادل حكيم لأن هذه الأفعال لا يعقل (1) استنادها بلا واسطة إلا إلى القوى الجسمانية المتجددة الذوات والطبايع المتصرمة الآنيات، لا إلى الأرواح القدسية والشامخات العقلية فضلا عن واجب الوجود بالذات وللذات كما أن المفوضة زعموا أن استناد الأفعال إلى العباد على وجه الاستقلال نوع تنزيه له تعالى عن استناد القبائح إليه تعالى ولم يتفطنوا أنه شرك محض فان الاستقلال في الإيجاد فرع الاستقلال في الوجود، وهو مختص بواجب الوجود تعالى فهؤلاء أعظم شركاء من الثنوية فإنهم قالوا بشريك واحد له تعالى، وأسندوا إليه الشرور وهؤلاء قالوا بتعدد الشركاء بعدد الفاعلين، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا بل التعظيم العظيم، والتنزيه الوجيه ما تضمنته هذه الكلمة الإلهية المأثورة في الأخبار المتكاثرة عن العترة الطاهرة عليهم صلوات الله المتواترة أعني قولهم عليهم السلام " لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين (2) " وتقريب هذه الكلمة