فيشتاق الايصال بالبعث، فالبعث مراد، والإرادة حينئذ تكوينية لتعلقها بفعل المريد دون المراد منه حتى يكون إرادة تشريعية فتدبره فإنه حقيق به.
وعلى أي حال فلا إرادة تشريعية ولا محبوبية نفسانية بالإضافة إلى طبيعي الفعل في الأوامر حتى يقال بأن المحبوبية المنبعث عنها الأمر ينافي المبغوضية بل لا مبغوضية، ولا محبوبية وإنما هناك بعد المصلحة والمفسدة القائمتين بالفعل باعتبار الجهتين الموجودتين فيه بعث وزجر فقط، والمفروض عدم مضادة المصلحة والمفسدة، وعدم وجود ضد الأمر أي النهي لسقوطه بواسطة الجهل، أو النسيان وشبههما.
ثانيهما: أن ما فيه المفسدة والمصلحة فيه جهتان، من الملائمة والمنافرة للطبع فإذا كانت جهة المنافرة أقوى من جهة الملائمة وأمكن التحرز عما ينافر فلا محالة يتحرزه عما ينافر بالزجر عنه، وأما إذا لم يمكن التحرز عما ينافر لمكان الجهل أو النسيان فلا محالة يستوفي الغرض من حيث كونه ملائما للطبع وتقويته بلا جهة مزاحمة قبيح فيحبه بالفعل ولا يبغضه بالفعل، وإن كان مبغوضا بالذات لكونه منافرا بالذات.
نعم بناء على ما ذكرنا من أنه لا دوران فيما إذا كان العموم في أحد الطرفين شموليا وفى الآخر بدليا لا يتم هذا الوجه إلا مع استيعاب الجهل أو النسيان، أو الاضطرار لا بسوء الاختيار لتمام الوقت فإنه لا يتمكن من استيفاء المصلحة بفرد آخر فلا محالة يستوفيها بهذا الفرد فلا يكون إلا محبوبا بالفعل فافهم جيدا.
" في مرجحات النهي على الأمر " قوله: دلالتهما على العموم والاستيعاب مما لا ينكر الخ: لا يخفى عليك أن الإرادة لمجرد إفادة السلب، والسلب بما هو لا يدل على العموم و الاستيعاب.