الاشتغال بأحد وجهين:
الأول: أن البعث ليس إلا لجعل الداعي إلى تحصيل الغرض القائم بالمبعوث إليه، وذلك لما عرفت في المباحث السابقة أن فعل الغير إذا كان ذا فائدة عائدة إلى الشخص فلا محالة ينبعث إليها شوق، وينبعث من هذا الشوق شوق إلى فعل الغير، وحيث أن فعل الغير ليس تحت اختيار الشخص إلا بتسبيب وتحريك يوجب انقداح الداعي في نفسه إلى فعله فلا محالة ينبعث من الشوق إلى فعل الغير شوق إلى جعل الداعي بالبعث والتحريك، فالبعث و التحريك معلول لما ينتهي إلى أصل الغرض القائم بالمبعوث إليه، وهو علة العلل بالنسبة إلى البعث، وهكذا إذا كان الفعل الغير فائدة عائدة إلى نفسه، وكان المولى ممن يجب عليه إيصالها إلى ذلك الغير فان البعث حينئذ لايصال تلك الفائدة فهي علة العلل بالإضافة إلى البعث والمعلول يدور مدار علته حدوثا و بقاء فإذا علم أصل الغرض، وشك في سقوطه، إما للشك في أصل الاتيان بما يقوم به، أو للشك فيما له دخل فيه كما فيما نحن فيه فلا محالة يجب عقلا القطع بتحصيل الغرض باتيان جميع ما يحتمل دخله فيه.
والتحقيق أن كبرى لزوم تحصيل الغرض عقلا (1) لا شبهة فيها لكن الصغرى