شئ بل التقدير بالدقة تقدير المراد لا تقدير الإرادة وإلا لما وجد الشوق المنوط به لأن تقيد شئ بشئ ليس جزافا، ومجئ زيد لو كان له دخل لكان في مصلحة المراد أو في مصلحة فعل المريد وهو الايجاب، وأما الإرادة و الشوق فليسا من الأفعال ذوات المصالح والمفساد بل صفات نفسانية تنقدح في النفس عقيب الداعي فلا يعقل إناطتهما جعلا بشئ.
ومنه تبين حال البعث الحقيقي فإنه الانشاء بداعي جعل الداعي بحيث لو مكن المكلف من نفسه كان علة تامة للانبعاث نعم الإنشاء بداعي جعل الداعي مرتبا على مجئ زيد معقول فإنه في الحقيقة ليس داعيا وباعثا فعلا بل عند مجئ زيد يتصف بحقيقة الباعثية وبملاحظة هذا الانشاء كلما فرض مجئ زيد بفرض مصداقية البعث الانشائي للبعث الحقيقي، وكلما تحقق مجئ زيد صار الانشاء معنونا بعنوان البعث تحقيقا فاتضح مما فصلنا القول، فيه أن البعث الحقيقي ثابت قبل وجود قيده بثبوت تقديري وبعده بثبوت تحقيقي، والنفي في كلامه زيد في علو مقامه، هو الثاني لا مطلقا كي ينافي ما ذهب إليه من صحة الاستصحاب التعليقي وقد مر منا سابقا وسيجئ إنشاء الله تعالى في محله أن تمام ما بيد المولى في مقام البعث والزجر هو الانشاء بداعي جعل الداعي، وأما اتصافه بكونه باعثا أو زاجرا بمعنى ما يمكن أن يكون كك فهو غير مقوم لحقيقة الحكم الذي بيد المولى إيجاده فتوقف اتصافه على وصوله عقلا أو على قيد أخذ فيه شرعا، وإن كان موجبا لترقي الحكم من درجة الانشاء إلى درجة الفعلية إلا أنه أمر خارج عما كان أمره بيد المولى والغرض دفع توهم أن هذا المعنى الانشائي المنطبق عليه البعث التقديري ليس من الحكم الشرعي في شئ وأنه لا ثبوت للحكم بأي معنى كان.
قوله: أما حديث عدم الاطلاق في مفاد الهيئة الخ: قد عرفت في أوائل التعليقة أن المعاني الحرفية والمفاهيم الأدوية مع أن وضعها عام والموضوع لها خاص إلا أن معانيها غير جزئية عينية، ولا ذهنية بل جزئيتها، وخصوصيتها