المتعاقدين بالتسبيب، وقد لا يكون المعنى المعتبر تسبيبا كالاختصاص الوصفي فإنه لا حاجة في وجوده إلا إلى اعتبار من الواضع، ومن الواضح أن اعتبار كل معتبر قائم به بالمباشرة لا بالتسبيب كي يتسبيب إلى اعتبار نفسه بقوله [وضعت] ونحو، فتخصيص الواضع ليس إلا اعتباره الارتباط والاختصاص من لفظ خاص ومعنى خاص.
ثم إنه لا شبهة في اتحاد حيثية دلالة اللفظ على معناه وكونه بحيث ينتقل من سماعه إلى معناه مع حيثيته دلالة سائر الدوال كالعلم المنصوب على رأس الفرسخ، فإنه أيضا ينتقل من النظر إليه إلى أن هذا الموضع رأس الفرسخ، غاية الامر أن الوضع فيه حقيقي، وفى اللفظ اعتباري، بمعنى أن كون العلم موضوعا على رأس الفرسخ خارجي ليس باعتبار معتبر بخلاف اللفظ فإنه كأنه وضع على المعنى ليكون علامة عليه فشأن الواضع اعتبار وضع لفظ خاص على معنى خاص.
ومنه ظهر أن الاختصاص والارتباط من لوازم الوضع لاعينه وحيث عرفت اتحاد حيثية دلالة اللفظ مع حيثية دلالة سائر الدوال تعرف أنه لا حاجة إلى الالتزام بأن حقيقة الوضع " تعهد ذكر اللفظ عند إرادة تفهيم المعنى " كما عن بعض أجلة العصر (1)، فإنك قد عرفت أن كيفية الدلالة والانتقال في اللفظ وسائر الدوال على نهج واحد بلا اشكال فهل ترى تعهدا من ناصب العلم على رأس الفرسخ بل ليس هناك إلا وضعه عليه بداعي الانتقال من رؤيته إليه فكذلك فيما نحن فيه، غاية الأمران الوضع هناك حقيقي وهنا اعتباري ولا يخفى عليك أن من يجعل الوضع عبارة عن التعهد لا بداعي انه عين الإرادة المقومة لتفهيم المعنى الا بنفس هذه الإرادة بل المراد من التعهد هو الالتزام والبناء الكلى على ذكر