لأنا نقول: مقتضاه عدم منافاته لاطلاق المادة من حيث عدم تحصيله لا أنه كالتقييد لها أيضا كما أن مقتضى تقييد المادة به أيضا عدم توقف الطلب عليه بداهة أن المقدمة الواجب تحصيلها لا يعقل أن تكون مقدمة وجوبية فلا تنافي في إطلاق الهيئة.
" الواجب النفسي والغيري " قوله: لكنك لا يخفى أن الداعي لو كان هو محبوبيته كك الخ: توضيح المرام وتنقيح المقام هو أنه لا ريب في أن كل ما بالعرض ينتهي إلى ما بالذات مثلا إذا أراد الإنسان اشتراء اللحم فلا محالة يكون لغرض، وهو طبخه، والغرض من طبخه أكله، والغرض منه إقامة البدل لما يتحلل من البدن، والغرض منه إبقاء الحياة، والغرض منه إبقاء وجوده وذاته فغاية جميع الغايات للشوق الحيواني ذلك، وإذا كان التشوق عقلانيا فغاية إطاعة ربه والتخلق بأخلاقه وينتهي ذلك إلى معرفته تعالى، فجميع الغايات الحيوانية ينتهي إلى غاية واحدة وهي ذات الشخص الحيواني، وجميع الغايات العقلانية ينتهي إلى غاية الغايات و مبدء المبادئ جل شأنه، وكون كل غاية من الغايات ملائمة للذات ومقصودة بالغرض أو بالذات لا يتوقف على الالتفات حتى يقطع بأنه ليس في كل فعل تصورات وتشوقات متعاقبة فان الغايات الحيوانية في الحيوان بما هو حيوان و الغايات العقلانية في الإنسان بما هو إنسان صارت كالطبيعية لهما فلا يحتاج إلى فكر وروية، وقصد تفصيلي، هذا كله في الإرادة التكوينية.
وأما الإرادة التشريعية فقد مر مرارا أن حقيقتها إرادة الفعل من الغير، ومن الواضح أن الإنسان لو أراد اشتراء اللحم من زيد فالغرض منه وإن كان طبخه لكنه غير مراد منه بل لعل الطبخ مراد من عمرو، وإحضاره في المجلس من مراد من بكر و هكذا فلا تنافي بين كون شئ مرادا من أحد، والغرض منه غير مراد منه وإن