اجتماع النقيضين، وما لا يترقب منه فعلية التأثير لا يزاحم ما له إمكان فعلية التأثير بحيث لا يمتنع تأثيره ذاتا ووقوعها وبالغير فتدبر جيدا، إلا أن هذا الوجه و إن كان في تصور الطرد من طرف الأهم فقط وجيها لكنه ربما لا تساعده العبارة.
قوله: نعم فيما إذا كانت موسعة وكانت مزاحمة الخ: الكلام تارة في صحة الأمرين بالموسع، والمضيق، ولولا بنحو الترتب، وأخرى في صحة اتيان الموسع في زمان المضيق بداعي الأمر، ولو لم يكن هناك أمر بالفرد المزاحم و لولا بنحو السراية بل بنحو سعة الطبيعة له أيضا.
أما الأول: فالأمر بالموسع من حيث اجزاء الوقت رجع إلى التخيير الشرعي أو تعلق بالطبيعة السارية إلى أفرادها أو تعلق بالطبيعة الملحوظة بنحو تسع هذا الفرد المزاحم فلا يعقل اجتماع الأمرين المضيق والموسع لأنه من طلب الضدين في خصوص زمان، وتوهم جوازه نظرا إلى أن المانع من التكليف بما لا يطاق ليس إلا اللغوية، وهي مسلمة فيما إذا كان نفس الفعل غير مقدور كالطيران إلى السماء وأما إذا كان نفسه مقدورا فلا يلزم اللغوية إذ يكفي في ثمرة وجود الأمر أنه لو أراد المكلف عصيان الواجب المعين يقدر على إطاعة هذا الأمر.
مدفوع: بأن الأمر إذا كان بداعي جعل الداعي كما هو محل الكلام ولم يكن مترتبا على عصيان الأمر بالمعين فلا محالة يجب أن يكون بالفعل صالحا للدعوة مع دعوة الاخر، ولا يعقل دعويهما معا، ولذا أطبق المحققون على عدم إمكان الأمرين المطلعتين بضدين، مع أن هذه الثمرة موجودة، وهي أن المكلف لو عصى أحدهما يقدر على إطاعة الاخر، وإن لم يرجع الأمر بالموسع إلى أحد الوجوه، بل إلى الأمر بصرف الطبيعة مع قطع النظر عن الخصوصيات و المميزات، وبعبارة أخرى عن المفردات فالفرد المزاحم غير ملحوظ لا بالذات و لا بالعرض، ولا محددا للطبيعة ويكون معنى الأمر بها والقدرة عليها هو الأمر بوجودها المقدور عليه بالقدرة على تطبيقها على أفرادها فتطبيقها على الفرد المزاحم بسوء اختياره لمكان ترك الواجب المضيق لا ربط له بتعلق الأمرين