والتحقيق أن جوهر الكلمة ومادتها أعني الحروف الأصلية المترتبة الممتازة عن غيرها ذاتا أو ترتيبا أمر قابل للحاظ الواضع بنفسه فيلاحظ بوحدته بنفسها لاندماجها غاية الاندماج في المادة فلا استقلال لها في الوجود اللحاظي، كما في الوجود الخارجي كالمعنى الحرفي فلا يمكن تجريدها ولو في الذهن عن المواد، فلذا لا جامع ذاتي لها كحقائق النسب، فلا محالة يجب الوضع لاشخاصها بجامع عنواني كقولهم " كلما كان على زنة فاعل " وهو معنى نوعية الوضع أي الوضع لها بجامع عنواني لا بشخصيتها الذاتية، أو المراد أن المادة حيث يمكن لحاظها فقط فالوضع شخصي، والهيئة حيث لا يمكن لحاظها في ضمن مادة فالوضع لها يوجب اقتصاره عليه فيجب أن يقال هيئة فاعل وما يشبهها، وهذا معنى نوعية الوضع أي لا لهيئة شخصية واحدة بوحدة طبيعية بل لها ولما يشبهها فتدبر.
" في التبادر " قوله: لا يقال كيف يكون علامة مع توقفه على العلم الخ: ربما يقال (1) معنى كون التبادر علامة كونه دليلا إنيا على الوضع حيث إنه معلول له، وهو لا يقتضى إلا كون الوضع مقتضيا به والعلم شرط تأثيره فلا مجال لتقرير الدور، حيث إن صفة الاقتضاء والمعلولية غير موقوفة على العلم، كما لا مجال لدفعه بأنه علامة للجاهل عند العالم فان صفة المعلولية بالمعنى المذكور ثابتة في حد ذاتها من غير نظر إلى العالم والجاهل.
وفيه: مضافا إلى لزوم الدور من ناحية توقف المشروط على شرطه، والشرط على مشروطه، أن الانتقال إلى المعنى لا يعقل أن يكون معلولا للوضع ومن